مما يؤكد أن الرسل بعثوا للإقرار بوجود الله وربوبيته، واستحقاقه للعبادة، وبعثوا بسائر أنواع العبادة، والأخلاق، وتحريم المحرمات، وغير ذلك) اهـ.
والجواب: أن في كلامه هذا مغالطات وتلبيسا، فإن الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - بعثوا بأنواع التوحيد الثلاثة: الألوهية، والربوبية، والأسماء والصفات.
إلا أنه لما كانت الفطر السليمة، مفطورة – بالاضطرار - إلى نسبة هذا الخلق إليه خالق عظيم، وأن الخلق لم يخلقوا أنفسهم، ولم يوجدوا دون خالق: كانت حاجة الناس إلى توحيد الألوهية والأسماء والصفات أعظم، لفسادهما عند أكثر الناس قبل بعثة الأنبياء والرسل، قال سبحانه:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل: ٣٦] .
ولذا ألزم الله - عز وجل - كفار قريش بتوحيده في العبادة، بإقرارهم له بتوحيد الربوبية، فقال سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[لقمان: ٢٥] وقال جل وعلا: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ - سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}[المؤمنون: ٨٤ - ٨٥] وهذا في القرآن كثير.
وهذان التوحيدان، متضمنان لتوحيد الربوبية بلا شك، ولم يخالف فيه إلا قليل كالمانوية!