أو ما سمعت أن المعتزلة مع اجتماعهم في هذا اللقب يكفر البغداديون منهم البصريين، والبصريون منهم البغدادين.
ويكفر أصحاب أبي علي الجبائي ابنه أبا هاشم، وأصحاب أبي هاشم يكفرون أباه أبا علي، وكذلك سائر رءوسهم.
وأرباب المقالات منهم، إذا تدبرت أقوالهم رأيتهم متفرقين يكفر بعضهم بعضا، ويتبرأ بعضهم من بعض.
وكذلك الخوارج والروافض فيما بينهم، وسائر المبتدعة بمثابتهم، وهل على الباطل دليل أظهر من هذا، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا (١) دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ} [الأنعام: ١٥٩] .
وكان السبب في اتفاق أهل الحديث أنهم أخذوا الدين من الكتاب والسنة وطريق النقل، فأورثهم الاتفاق والاختلاف.
وأهل البدع أخذوا الدين من المعقولات والآراء، فأورثهم الافتراق والاختلاف.
فإن النقل والرواية من الثقات والمتقنين قلما يختلف، وإن اختلف في لفظ أو كلمة، فذلك اختلاف لا يضر الدين، ولا يقدح فيه.
وأما دلائل العقل فقلما تتفق، بل عقل كل واحد يري صاحبه غير ما يرى الآخر، وهذا بين والحمد لله) انتهى كلام أبي المظفر
(١) في الأصل: "فارقوا" على قراءة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute