وجواب هذا الوجه يسير من ثلاثة وجوه: أحدها: أن الكلام في أسماء الله وصفاته وأمور الغيب عامة توقيفي، لا يجوز أن يزاد فيها أو ينقص منها إلا عن طريق الوحي، فمن تكلم في هذا الباب من غير توقيف كان مخطئا، ولو قدر أنه أصاب؛ لتكلمه فيه من غير طريق الوحي، فإذا تقرر هذا فالكلام في هذا الباب بعلم الكلام فاسد باطل.
الثاني: أن علم الكلام وكتبه كتب المنطق والفلسفة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى يخصها بشيء، إلا أن علم الكلام قد احتوى على مسائل كثيرة وعظيمة، قد حذر النبي صلى الله عليه وسلم وشدد في آحادها، فكيف بها مجتمعة؟ كرد القرآن أو السنة بالرأي، أو ضرب بعضه ببعض، أو التشكيك في حكمه بمتشابهه، أو الكلام في الدين بالرأي، مع ما احتواه علم الكلام من مخالفة لكلام الله عز وجل، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا كاف في معرفة حكم الشارع فيه.
الثالث: أن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين ساروا على ما سار عليه نبيهم صلى الله عليه وسلم، فلما طرأ علم الكلام ودخل على المسلمين ضج أئمة الإسلام وعلماؤهم بإبطاله، وتحريمه، ورده، والتحذير منه، ومن أهله، وتكفير كثير من منتحليه لفساد عقائدهم، وقد تقدم.