ورأى يونس بن عبيد ابنه وقد خرج من عند صاحب هوى، فقال:" يا بني من أين جئت؟ ".
قال: من عند فلان.
قال:" يا بني، لأن أراك خرجت من بيت خنثى أحب إلي من أن أراك تخرج من بيت فلان وفلان، ولأن تلقى الله يا بني زانيا، فاسقا، سارقا، خائنا، أحب إلي من أن تلقاه بقول فلان وفلان ".
ألا ترى أن يونس بن عبيد قد علم أن الخنثى لا يضل ابنه عن دينه، وإلى صاحب البدعة يضله حتى يكفر؟) اهـ كلام البربهاري.
الثاني: أن هذا ليس تهوينا للكبائر والموبقات، وإنما هو تعظيم للبدع والمحدثات، وأنه مع عظم الزنا والسرقة وغيرهما من المعاصي والفجور، إلا أن البدع أعظم جرما، وصحبة أربابها أشد ضررا من وجهين:
أحدهما: اغترار الناس بالمبتدع إذا كان مظهرا للصلاح والعبادة، مما يغر بعض العامة، ومن لا بصيرة له.
الثاني: أن المبتدع يتخذ بدعته دينا يتدين به، ويدعو إليه، ويذب عنه، ويجادل فيه، فخطر التأثر به كبير، أما العصاة فإنهم إن لم يستروا معاصيهم ويخجلوا منها لم يدعوا إليها. وإن دعوا إليها لم يستجب لهم؛ لظهور قبحها للعامة والخاصة.