فإن كان الأول لم يوافقه على ذلك أحد، والحنابلة من أئمة الدين، وعلماء المسلمين فقهاء ومحدثين، والطعن فيهم طعن في جماعات من علماء المسلمين بغير حق.
وإن كان الثاني لزمه الطعن في الإمام أحمد، وهذا ما يحاول المالكي تجنبه؛ خوفا من المسلمين، وعلما منه بعدم رضاهم، بالطعن في أحد جبال العلم والحفظ والزهد والورع.
الثاني: أن حكم الإمام أحمد ليس حكما على النيات، ولا المغيبات، وإنما هو حكم على الجهمية بأعمالهم الظاهرة، وأقوالهم المشتهرة، بل والمتواترة.
فإنهم لم يتركوا آية في أسماء الله أو صفاته، أو في أمور الآخرة، أو في أمور الغيب عامة، إلا حرفوها، وأخرجوها عن ظاهرها إلى معان أخرى مخالفة لتأويلها الصحيح، ولبقية كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما عليه السلف الصالح وأئمة الهدى.
وكذلك فعلوا بالسنة حين ردوها بأنواع التكلفات، وما قبلوه منها فعلوا به كما فعلوا بآيات القرآن، وهذا عين الإبطال، بل وأخبثه؛ لانخداع بعض العامة والرعاع بما قد يسمعونه منهم من متشابه القرآن وغيره.