الثالث: أن سبب تفرُّق الناس في العقيدة، هو الأهواء والأدواء، والشُّبَه والدسائس.
لهذا كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم منها شيء! إلا أنه بيَّنه صلى الله عليه وسلم ونفاه، وحذَّر من الخوارج مع صلاحهم الظاهر، وصلاتهم وقراءتهم للقرآن، وقال عنهم:«يمرقون من الدين، كما يمرق السهم من الرمية» .
ومن نظر في اعتقاد أهل السنة جميعا، من القرن الأول إلى يومنا هذا، باختلاف بلدانهم وأزمانهم ومذاهبهم: وجده معتقدا واحدا متفقا، لا اختلاف فيه ولا خلاف، كما ذكر ذلك غير واحد من الأئمة، كالحافظ السمعاني وغيره.
ومن اطلع على كتب عقائدهم: رأى ذلك ظاهرا، وها نحن اليوم، ليس لنا مرجع إلا كتبهم، مع تقدمهم علينا.
فإن كانت أسباب اختلاف معتقدات أهل السنة، حنابلة وغيرهم، متعلقة بالصراعات المذهبية، قلنا: هذا باطل لأمرين:
أحدهما: أن ليس في عقائد أهل السنة اختلاف أبدا.
الثاني: أن عقائد الحنابلة، من القرن الأول إلى اليوم، متفقة غير مختلفة، مع اختلاف الدول والملوك والخلفاء الذين حكموا تلك السنن الطويلة والقرون، فلم لم تختلف عقائدهم، مع اختلاف حكامهم ودولهم؟! فمن ظن هذا، كان هو المغفل.