أما أهل السنة جميعا، حنابلة وغيرهم، فهم أقرب الناس لكل طاعة وبر، وأبعد الناس عن كل إثم وشر.
وما ذاك إلا لتمام وكمال إيمانهم بالغيب، وتصديقهم بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعدم رد ما صح منها، آحادا ومتواترة، وكسرهم لصنم التأويل الفاسد، الذي أبطل الديانات وأفسدها.
لهذا تجد عامة أهل السنة، أكثر ورعا وصلاحا وتقًى من غالب المتكلمين، بل إن العامة أصفى من أولئك، وما ذاك إلا لسلامة قلوبهم من شبهات المتكلمين، مع العلم الرباني، والوحي الرحماني: فلا شك أن أصحاب تلك القلوب، أشد الناس إيمانا، وأثبتهم جنانا.
وذكر عن الفخر الرازي: أنه دخل بلدة، فاجتمع الناس حوله، وساروا خلفه، ولم يبق أحد سمع بمقدمه إلا أتاه.
فلقي رجل امرأة عجوزا في البلد، لم تخرج مع أولئك! فقال لها: الفخر في البلدة ولم تخرجي إليه؟! فقالت: ومن الفخر؟
فقال: هذا الذي أقام على وجود الله ألف دليل!
فقالت: أعوذ بالله! والله لولا شك قد ملأ قلبه، لما طلب لله ألف دليل.
فأخبر الفخر الرازي بقول المرأة فقال: اللهم إيمانا كإيمان العجائز.