أنذر أمته من كل أمر خطير، وأبعد عن النار كل من كان منها قريبا، على جرف هار أو شفير. إن غضب - صلى الله عليه وسلم -، فغضبه لله، وإن رضي، فما أرضى مولاه - جل وعلا - أرضاه.
جاهد المشركين وحذر من المنافقين، وما ترك سبيل خير إلا دعى أمته إليه ودلها عليه، ولا سبيل شر إلا حذرها منه، وأبعدها عنه. وكان مما حذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - وخشي على أمته منه:«كل منافق عليم اللسان» ، وأشد ما خشيه عليهم من الفتن والضلال: فتنة المسيح الدجال، وقال:«ما من نبي قبلي، إلا وحذر أمته من المسيح الدجال» . ثم وصفه لهم، وعرفهم به فقال:«إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور» . وما ذاك إلا لعظم افتتان الناس به، وقد قال سبحانه:{وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ}[البقرة: ٢١٧] ، {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ}[البقرة: ١٩١] .
وكذلك حال كل دجال أراد فتنة المؤمنين عما جاء به المرسلون، وبقدر الضلالة يكون الضلال والإضلال.
وكان من هؤلاء الدجاجلة: دجيجيل عظم في نفسه وكبر، ما رأى المؤمنين فيه من خير إيمان وبر، تلجلج تائها في مفازات الضلالة، حين استقرت رحال المؤمنين في أرض النبوة والرسالة، فأخذ العهد على نفسه، متابعا إبليس لإغواء المؤمنين بحزبه ورجله وخيله وفلسه!