والجواب من وجوه: أحدها: أن سلف أهل السنة باختلاف مذاهبهم: متفق واحد، قد قدمنا من يدخل فيهم عندنا، ومن يخرج، وذكرنا بعض أعلامهم قبل نشوء المذاهب الفقهية وبعد نشوئها.
والمالكي لجهله، يخلط بين المذاهب الفقهية والمذاهب العقدية! فيذكر المذاهب الفقهية الأربعة، مع الأشاعرة والمعتزلة والشيعة والإباضية والناصبة!! وهذا شيء وذاك آخر.
الثاني: أن مشاركة أهل البدع لأهل السنة في تسمية أسلافهم بالسلف الصالح، لا يجعل في هذا المصطلح اضطرابا، فلا تكاد تجد مصطلحا أو لفظا إلا وجماعات متباينة تدعيه وتزعمه، والعبرة في ذلك كله بالحق لا بمجرد الدعوى. فاليهود قد زعموا أن إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- سلفهم، وكذلك زعموا في موسى -عليه السلام- فكذبهم الله تعالى في مزاعمهم تلك، فقال:{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[آل عمران: ٦٧] .
ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم اليهود بالمدينة تصوم عاشوراء وتقول: إنه يوم نجى الله فيه موسى من الغرق، فنحن نصومه شكرا لله، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«نحن أولى بموسى منهم» فصامه وأمر بصيامه.
والثالث: أن السلف الصالح رحمهم الله، كانوا مستقيمين على الكتاب والسنة، ولهذا رضيهم أهل السنة سلفا.