للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التوحيد التي نادى بها الشيخ تقبلها العلماء في شتى بلدان العالم الإسلامي، أو قل: لم يستطع أحد منهم أن يرفضها، بل على العكس ركز خصومها على اتهامها بأنه " لا جديد فيها " واهتموا بمناقشة الشكليات وافتراء الاتهامات، بينما أعلن أكثر من عالم وفقيه أو حتى مستشرق انطباقها على مبادئ الإسلام الصحيحة، وقد كان ابن سند (١) صادقا وسيئ النية في نفس الوقت عندما قال: " إن خطاب سعود في مكة لم يأت بجديد لا يعرفه عوام أهل مكة "، كذلك ذهب ابن بشر إلى أن الشريف غالبا وافق على أفكار الشيخ لولا أن الحاشية حذرته بأن الوهابيين إنما يريدون ملكه وليس ضميره، " فارتعش قلبه وطار ".

ومحمد بن عبد الوهاب اهتم اهتماما كبيرا هو وورثته من بعده بتأكيد أنه لا جديد في دعوته، وأنه لم يأت بمذهب خامس، وهذا صحيح بالطبع، وإن كان الحرص على نفي تهمة المذهب الخامس " أمر مبالغ فيه؛ لأن المذاهب في حد ذاتها ليست أديانا منزلة، وإنما هي اجتهادات " وهم رجال ونحن رجال " (٢) .

وقال الشيخ أحمد الناصري السلاوي المغربي: " وفي هذه السنة - أعني سنة ست وعشرين ومائتين وألف - وجه السلطان المولى سليمان (٣) - رحمه الله - ولده الأستاذ الأفضل المولى أبا إسحاق إبراهيم بن سليمان إلى الحجاز لأداء فريضة الحج مع الركب النبوي الذي جرت العادة بخروجه من فاس على هيئة بديعة من الاحتفال، وإبراز الأخبية لظاهر البلد، وقرع الطبول (٤) وإظهار الزينة ".

إلى أن قال: " حكى صاحب الجيش (٥) أن المولى إبراهيم عندما ذهب إلى الحج استصحب معه جواب السلطان، فكان سببا لتسهيل الأمر عليهم، وعلى كل من تعلق بهم من


(١) هو عثمان بن سند البصري، أحد خصوم الدعوة.
(٢) السعوديون والحل الإسلامي (٩٤) .
(٣) يعني سلطان المغرب.
(٤) قرع الطبول لا يليق بشعيرة الحج، وهو من البدع، ومن عبادات الجاهلية والأمم الضالة، وهو ما كانت تمنعه الدولة السعودية لما دخلت مكة والمدينة تعظيما لشعائر الله.
(٥) يقصد المصاحب لركب الحجاج المغاربة.

<<  <   >  >>