القارات الخمس، وهي كذلك، بعد أن كانت محصورة أو تكاد في نطاق الأمم المتمدنة، تناولت الشعوب الهمجية، والأمم البائدة؛ بل تطاولت إلى التنقيب عما وراء التاريخ المعروف.
وأما الشعبة الجديدة المبتكرة فهي ضرب من الدراسات النظرية، والاستنباطات الكلية التي تهدف إلى إشباع نهمة العقل في التطلع إلى أصول الأشياء، ومبادئها العامة حين تتشعب عليه جزيئاتها، وتفصيلاتها.
تعريف الدين
أبدأ الكلام حول معنى الدين لغة واصطلاحًا، فأقول وبالله التوفيق:
معنى الدين في اللغة: له معانٍ كثيرة، توهم الناظر إليها لأول مرة أنها متناقضة، وليس الأمر كذلك، بل عند التحقيق تجدها في غاية الانسجام فيما بينها. فقد وردت الكلمة بمعنى الملك وهو الخدمة، وبمعنى الذل أي: القهر والسلطان، أو التذلل والخضوع، وبمعنى الطاعة والاستسلام، والاعتقاد والتعبد، والمحاسبة والجزاء، والحكم والقضاء، والقهر والتدبير، والحساب والمكافأة، وكذا اسم لكل ما نعتقده، أو لكل ما يُتعبد الله -عز وجل- به إلى آخر هذه الكلمات التي وردت في معاجم اللغة.
والواقع أننا إذا نظرنا في اشتقاق هذه الكلمة، ووجوه تصريفها نرى من وراء هذا الاختلاف الظاهر تقاربًا شديدًا، بل صلة تامة في جوهر المعنى؛ إذ نجد أن هذه المعاني الكثيرة تعود في نهاية الأمر إلى ثلاثة معانٍ تكاد تكون متلازمة، وبيانه: أن كلمة الدين تؤخذ تارة من فعل متعدٍّ بنفسه دانه يدينه، فتكون بمعنى ملكه