عرف الفارسيون منذ القديم -وقبل زرادشت بزمن سحيق- الدين، ولكنه كان دين قائمًا على تقديس الطبيعة، واتخاذ مظاهرها آلهة يعبدونها، وكانت تصوراتهم الدينية لا تزيد عن الأمل في نماء الزرع، ووفرة الخير والبركة، وقد ألّهوا من بين من ألّهوا التماثيل والأصنام، ووظّفوا لخدمتهم الرهبان والكهنة الذين أصبحوا طبقة مميّزة عن سائر الإيرانيين، جعلتهم يزعمون للناس وساطتهم الحتمية لمن يتقرب للآلهة، وهكذا كانت فكرة قُدامى الإيرانيين عن الدين، وهم قدامى المجوس الذين كانوا قبل زرادشت، والمعلومات عن هذه الفترة تعتمد على الظن في أغلبها؛ لعدم تدوينها وحفظها بطريقة ما، وجاء زرادشت وظهرت الكتب المقدسة مفصِّلة جوانب دين عرف بدين الفرس أو بالزرادشتية نسبة لهذا الحكيم الذي له الفضل الأكبر في نشره بين الإيرانيين.
يقول جميس هنري برستيد:"الزرادشتية من أنبل الديانات التي ظهرت في العالم القديم؛ حيث دعت كل إنسان، وأهابت به أن يختار أحد الطريقين؛ إما أن يملأ قلبه بالخير والنور أو ينغمس في الشر والظلمة؛ ليلاقي جزاءه ويحاسب على ما آتاه".
فما أركان هذه الديانة إذن؟
تتحدث الفستا وشروحها عن جوانب الدين الفارسي كما دعا إليه زرادشت بالتفصيل، وتحدد أهم معالمه وهي كما يلي: