تدعو الزرادشتية إلى الإيمان بإله واحد قديم أزلي مجرد من الشهوات لم يولد، ولن يموت، وأقوى الناس يشعرون بضعفهم أمامه، ولا يقدر على إدراك حقيقته عقل بشري، ومن أجل أن يتمكن الناس من تصور هذه القوى الغيبية، فقد رُمز لهذا الإله برمزين ماديين مشاهدين هما الشمس والنار؛ الشمس في السماء تمثل روح الإله في صورة يستطيع الإنسان إدراكها لما امتازت به من صفات كالإشراق وبعث الدفء والسمو عن نزعات الشر ومجاله، والنار في الأرض هي العنصر الذي يمثل للناس قوة الله العليا، فهي قوة مطهرة باقية نافعة، ويسمى هذا الإله أهورامزدا، ومعنى الاسم: أنا الله الخالق.
ومما يدل على هذه العقيدة من نصوصهم قول زرادشت:"إلى أي أرضٍ أفر! وإلى أي اتجاه يكون المهرب! إلى النبلاء والسادة وهم يقاطعونني أم إلى الناس وهم غير راضين عني أم إلى حكام الأرض الخونة؟ كيف أبلغ رضاك يا أهورامزدا؟ ألجأ إليك لتكون لي عونًا يعطيه صديق لصديقه وعلمني بالحق كيف أحظى بالفكر الخير" وهذا النص يشير إلى ربه القادر حيث يتوجه إليه بالشكوى، ويطلب منه العون.
وقد أورد الشهرستاني مساءلات جرت بين زرادشت وبين الإله أهورمزدا، تبين أن دين الفرس قائم على أن الله واحد، قال زرادشت: ما الشيء الذي كان ويكون، وهو الآن موجود؟ قال الإله: أنا والدين والكلام؛ أما الدين فعمل أورمزدا، وأما الكلام فكلامه، وصارت بقية الأسئلة والأجوبة حول حكمة خلق الكون، وعن أصل الخلق، وعن الرسالات السابقة، وعن ملائكة الوحي، ويبدو أن المراد بالفكر الخيّر في كلام زرادشت يعني أحد هؤلاء الملائكة العظام،