وما دام الرسول يحقق الهدي للمرسل إليهم، فإرساله حكمة ومصلحة، ولو كان للعقل قدرة على الوصول للهدي وحده لما انتشر الضلال، ولما بعد الناس عن الطريق المستقيم فترات طويلة.
إن العقل قاصر عن إدراك شرع الله تعالى وحده، وأكبر ما يدل على ذلك تأثره بصاحبه المحدود بالذات وبالزمان وبالمكان، ويظهر هذا القصور في الاتجاهات العقلية المتنوعة، والمعارِضة في الموضوع الواحد، مع أن الحق لا يتعدد.
وأخيرًا فإن الإيمان بالله تعالى الواحد المتصف بكل صفات الكمال، يقتضي الإيمان بكل ما جاء به الوحي وطاعته في كل ما أمر به أو نهى عنه، ومن بين ما جاء به الوحي الإخبار بإرسال الرسل، فلزم حينئذ الإيمان بإرسال الرسل؛ إذ لا يستقيم الإيمان بالله مع إنكار الرسالة والنبوة.
هذا ويثبت التاريخ ظهور النبوات والرسالات على فترات طويلة على مر الزمان، ومعهم المعجزة الدالة على صدقهم، ومعهم الشريعة التي تصلح أمر الإنسان في الحال وتفيده في المآل، وعلى الجملة فإن الهندوسيين أنكروا النبوة ولم يؤمنوا برسول.
العقيدة الثالثة: تناسخ الأرواح
يؤمن الهنود بتناسخ الأرواح، ومعناه أن الروح حينما تفارق جسدها عند الموت تنتقل إلى جسد آخر، وتستمر هكذا في التنقل حتى تستقر في أصلها الأول الذي صدرت منه، وفكرة التناسخ هذه تتضمن فكرة وحدة الوجود التي قال بها الهنود؛ لأن جميع الكائنات في نظرهم تتضمن روحًا صدرت عن الله الواحد.