دين الله -عز وجل- يجمع أشتات الناس على وحدة العمل، ووحدة التوجه، ووحدة الغاية والهدف، وصولًا إلى وحدة المصير، ولهذا فحري به أن يكون واحدًا، وهو كذلك، فمرد الاعتقاد واحد، ومن اسمه يتحدد رسمه {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}(آل عمران: ١٩) فهو يأمرنا ونحن نسلم بما أمر به، ألا نناقش، ولا نجادل، ولا نحاور.
قد تختلف أشكال العبادة من شريعة إلى أخرى، ولكن ذلك لا يمنع من أن ما أمر الله به آدم منذ خلقه هو هو ما أمر به محمدًا -صلى الله عليه وآله وسلم، ولا نزال نأتمر به إلى اليوم، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وإنما نقصد بوحدة الدين وحدته الموضوعية، فإن الأمر فيه بالاعتقاد واحد، ورد الأمر فيه إلى واحد، فإن المراد بالتدين هو إنسان ذلك العصر، وهو هو الإنسان الأول آدم، ولعل هذا السر الذي جعل جُلَّ خطاب الوحي إليه بهذه الصفة يا بني آدم، أو يا ابن آدم، كما أن تكوينه الروحي لا يختلف عن تكوين آدم الروحي {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ}(السجدة: ٧ - ٩) إن آدم أول نبي، ولم يترقَ الإنسان في عقائده كما ترقى في العلوم والصناعات، ولم تكن عقائده الأولى مساوية لحياته الأولى، كما يزعم أصحاب فكرة التطور.