ولم يكتفوا بهذا، بل راحوا يجاهدون أو يقاتلون باطلًا لردة الناس عن دينهم {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}(البقرة: ٢١٧).
إنهم اتخذوا كل الوسائل في تكذيب النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- كما كذبوا رسلًا من قبله، وحاولوا قتله، كما قتلوا رسلًا من قبله حتى وصموا بهذه الصفة، ولازمتهم تلك الذلة والمسكنة حين قال الله:{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}(آل عمران: ١١٢).
وحين طالبهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بالإيمان به ردوا قائلين كما قال القرآن:{الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}(آل عمران: ١٨٣) ومن ثم أبوا أن يؤمنوا بالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو النبي الخاتم المذكور في توراتهم، والمصرح به كما سنذكر ذلك بعد قليل إن شاء الله -تبارك وتعالى.
إذًا فهم مع الإيمان بالرسل على نحو ما ذكرنا، ولهم دور كبير مع النبي محمد عليه الصلاة والسلام في المجادلة واللجاج، والتعنت في الأسئلة وفي المواقف، وفي كل شيء؛ ولذلك حكى القرآن الكريم هذا عنهم فيما ذكروه من أسئلة ومجادلات مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفيما وقع منهم من فساد؛ فجدالهم لم ينقطع، واستهزاؤهم بالدين لم ينتهِ، أذكر من هذا على سبيل المثال لا الحصر؛ المجادلات، والمخاصمات الكلامية التي أرادوا من ورائها الطعن في الإسلام، ونبي الإسلام -عليه الصلاة والسلام- فجادلوا في نبوة النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- بقصد الطعن فيها، وصرحوا بأن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- ليس هو النبي المنتظر التي بشرت به الكتب السماوية بعد أن عرفوا صدقه، كما يعرفون أبناءهم.