فكل ديانة تقوم على عبادة التماثيل، أو عبادة الحيوان، أو النبات، أو الكواكب، أو الجن، أو الملائكة، أو الأنبياء إلى آخره، فإنها تكون دينًا بمعناه اللغوي، وإن لم يمت إلى الدين الحق بصلة، ولم لا والقرآن قد سماها كذلك حيث يقول:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(آل عمران: ٨٥)، ويقول:{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}(الكافرون: ٦).
والشيء الذي لا شك فيه أن هذه التعريفات عند الغربيين متباينة، كما أنها ليست جامعة مانعة، ذلك أن منهم من جعل الدين فكرة فلسفية في أرقى صورها؛ مخالفًا بذلك بقية صوره التي عرفها عوام المتدينين، كما أنها لا تنطبق على عقيدة المشبهين ولا المجسمين، كما لم تخلُ من طرفي النقيض ما بين مضيق وموسع، ومن نظر إلى الروحانية فقط دون المادية، ومن عكس لنا القضية، ومن ذهب إلى النظرية الاعتقادية وقد أغفل الواقع، ومن عاش في الواقع وتمرغ في أوحاله دون أن يرتقي إلى النظرية أو المثالية في شيء، كما أنه لا يجوز لبعض هذه التعريفات أن تحذف مبدأ الألوهية من تعريف الدين.
ذلك، لأن قضية الألوهية هي قوام حقيقة الدين، ولا يكون الإنسان متدينًا إلا مع شعوره بالحاجة والتبعية المطلقة لقوة قاهرة أيًّا كانت، وأيًّا كان لون الخضوع لها، فهذا يسمى دينًا بغض النظر عن حقيقته وبطلانه، ولذلك كان يجب على من يتعرض لتعريف الدين أن ينظر إلى العناصر الرئيسة في العقيدة الدينية، والتي ملخصها في هذا التعريف الجامع لمعنى الدين بإطلاق، الدين: هو الاعتقاد بوجود ذات أو ذوات غيبية علوية، لها إرادة واختيار، ولها تصرف وتدبير للشئون التي تعني الإنسان؛ اعتقادًا من شأنه أن يبعث على مناجاة تلك الذات السامية في رغبة ورهبة، وفي خضوع وتمجيد.