الإنسان الذي هو إله مثله، وأن الانتصاف إنما كان من الجسم فهو الماثل، فإذا جعلوه كله إلهًا فهم يعبدون غير الله، ولا فرق إذًا بين الله وبين مخلوقاته.
وقالوا: إن الابن إله تام وإن الأب يستحق من الألوهية والقدم ما لا يستحقه الابن، فإذا كان ذلك فالابن إذًا إله غير تام، حيث لا يستحق من الألوهية مثل ما يستحقه الأب، وهذا من مكابرة العقول. وقالت اليعقوبية وهي من فرق المسيحية: إن الله نزل فدخل في بطن مريم، واتخذ من لحمها جسدًا، فصار مع الجسد نفسًا واحدة. وقالت النسطورية: ليست النفس هي الله وإنما هي بعضه.
ومن كلام اليعقوبية: إن الله أخذ ذلك اللحم والدم، فوردهما في نفسه، فصار ذلك اللحم الله، ثم اتفقوا على أن أقانيم الأب والابن وروح القدس غير مختلفة بل هي أقنوم واحد، فإذا كان هذا الأب هو الابن وهي روح القدس الكل شيء واحد، وهذا توحيد فلم خصصتم المسيح بالابن؟ لِمَ لا تقولوا: إنه الأب وقد قلتم: إن الأب وروح القدس شيء واحد؟ فلم جعلتم البدن شيئًا معبودًا وليس من الثلاثة؟ فهؤلاء إذًا أربعة وقد بطل التثليث وصار تربيعًا، فإن أبيتم إلا ثلاثًا فقد جعلتم نفي العبد وإثباته سواء وكابرتم العقول، فهل هو تثليث أم تربيع؟! نحن نؤمن بإله واحد لا بتثليث، وبأنه سبحانه كما قال:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}(الشورى: ١١).
ومن هنا نحن ننفي ألوهية المسيح، وننفي تجسد الله فيه، وننكر التثليث والتجسد، وأما استناد المسيحيين أو النصارى إلى أن المسيح إله أو ابن الله؛ لأنه بدون أب أو أنه روح الله، أو أنه يحيي الموتى، فقد سبق الرد عليه.