يتحول رب العالمين إلى شخص يأكل ويشرب ... إلى آخره، كما أن العقل لا يصدق أيضًا أن البشر جميعًا أرباب خطايا وأصحاب مفاسد، وأنهم محتاجون لمن ينتحر من أجلهم كي تغفر خطاياهم.
وكذلك رفض الإسلام كلتا القضيتين، وتنزل القرآن الكريم مفيضًا الحديث عن تنزيه الله، وسعته وقدرته وحكمته وعلمه، كما أفاض الحديث عن الناس ومسئولياتهم الشخصية، عما يقترفون من خير أو شر، أحيانًا في هدأة الليل يرمق الإنسان النجوم الثاقبة وأبعادها السحيقة، ثم يتساءل أليس بادئ هذا الملكوت أكبر ممن خلق سبحانه، فكيف يحتويه بطن امرأة، وأحيانًا يرمق الأمواج ذوات الهدير وهي تضرب الشاطئ، وتعود دون ملل أو كلل، ويبرق في رأسه خاطر عابر، هل رب هذا البحر عظيم، كان جنينًا فرضيعًا فبشرًا قتيلًا، ثم يهز رأسه مستنكرًا، قد تتقارب وجهات النظر في أمور كثيرة، وتذوب الفوارق في أمور مختلفة، أما تذويب الفوارق بين التوحيد والتعدد كليهما فذاك مستحيل.
لقد كتب بعض الناس كلامًا يريد عقد لقاء بين عقيدة التوحيد الإسلامية، وعقيدة التثليث المسيحية، فنفى أن يكون الله ثالث ثلاثة كما ذكر القرآن الكريم، وقال: إن الله الواحد هو جملة الأقانيم الثلاثة، ولما كان كل أقنوم على حدة يسمى إلهًا، فإن الكاتب أراد أن يوضح هذا الغموض، ولا نقول: يكشف هذا التناقض، فقال بنصه:"إذًا كيف نوفق بين هذا وذاك وبين ثلاثة ثم واحد، إن هذا هو بيت القصيد وفحوى الحديث. وسوف أذكر مثالًا: ماذا تعرف عن الشمس؟ الشمس الواحدة أعرف أنها قرص وحرارة وأشعة، وأي شيء من هذه الثلاثة هو الشمس، هل القرص أم الحرارة أو الأشعة، ثلاثتهم يكونوا الشمس، إذن الشمس واحدة، وهكذا الله سبحانه وتعالى، مع فارق التشبيه العظيم من حيث المكانة".