ألم يكن أوفق لعدل الله ورحمته أن يعغو عن عباده بدلًا من أن يعاقب ابنه الوحيد المزعوم، {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا}(النساء: ١١٠)، وإذا كان هذا الصلب بسبب ذنب اقترفه آدم -عليه السلام- فهو إما أن يتوب الله -عز وجل- كما حدث، يتوب عليه ويعفو عنه، أو أن يعاقبه بذنبه، ولا ثالث لهما وذلك مقتضى عدل الله.
أما إنه يصلب ابنه الوحيد بزعم العدل أو الرحمة، فهذا لا يقبله من عنده مسحة عقل، وأعجب كلما ذكرت خطيئة آدم -عليه السلام- لماذا يتحمل أبناء آدم وزر هذه الخطيئة، وما الذي يجعلها دينًا في عنق أبناء آدم جميعًا، لا يكفرها إلا الصليب، ولمن يا للعجب لله الذي ارتكب آدم في حقه الخطيئة، فبدلًا من أن يكفر عنها آدم بنفسه يكفر الله عنها، ويحمل وزرها أبناء آدم، حتى يؤمنوا بأن الله قد صلب نفسه فداء لمخلوق من مخلوقاته، الذي أخطأ في حق خالقه، ما معنى هذا ولِمَ كل هذا؟! إن الابن ليس مسئولًا عن ذنب أبيه.
وهكذا قرر الكتاب المقدس: لا يقتل الآباء عن الأولاد ولا يقتل الأولاد عن الآباء، كل إنسان بخطيته يقتل. سفر التثنية إصحاح ٢٤، فما ذنب عيسى يصلب بذنب أبيه آدم، وهل هو ابن آدم أم ابن الله، وهل هذا هو العدل الإلهي، فلماذا طلب المسيح نفسه النجاة وعاتب ربه أنه تركه للأعداء كما يقولون، كما نادى قائلًا: إلهي إلهي لماذا تركتني، أكان عيسى يجهل ذلك، وهل المنادي المستغيث في الأرض هو هو المنادى المستغاث به في السماء؛ لأن الأب والابن شيء واحد كما يزعمون، أجيبونا من القاتل ومن القتيل؟
قال المسيحيون: إن الله الابن صلب، لكنهم يقولون كذلك: إن الأب هو الابن هما الروح القدس جميعًا شيء واحد، إن كان الأمر كذلك فالقاتل هو القتيل،