بها الذات الإلهية، والقائلون بالتطور لا يؤمنون بالله الذي جاءت به الأديان السماوية، ولذلك فهم يرون صفات الله مجرد تصورات عقلية بلا حقيقة واقعية.
بينما النصوص المكتشفة تدل على أن التوحيد في عقيدة المصريين القدماء، تعني الإيمان بالله المتصف بصفات مدركة بآثارها في الخلق والإبداع والرعاية والعون، ويدل مسار العقيدة عند المصريين على أن الأمر لم يكن يسير إلى الأرقى، وإنما الثابت أن العقيدة كانت تتجه إلى الانحدار والتقهقر، ويتخللها ومضات وحدة قوية، وهذا ما لم يقل به علماء التطور لأنهم يرون الترقي والتقدم إلى الأحسن.
من هذا نرى أن الاتجاه الأول في تفسير نشأة وتطور عقيدة المصريين ليس دقيقًا، ولا يسلم به عقل علمي صحيح، أما الاتجاهان الثاني والثالث فكلاهما يعتمد على أن التوحيد هو دعوة رسل الله تعالى، التي نزل الوحي بها من عند الله تعالى، وأمام ما بينهم من خلاف، فإننا نرى أن الأولى هو ترجيح الرأي القائل بأن التوحيد الموحى به تجاه المصريين، في أقدم عصورهم من غير تحديد رسالات أو رسل معينين لما يلي:
الأول: تأكيد الله تعالى في القرآن الكريم بأن سائر الأمم جاءها رسول من عند الله، لدعوتها إلى التوحيد ودين الله، وذلك في قوله تعالى:{وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}(فاطر: ٢٤) والمصريون أمة من الأمم، بل إنهم أسبق من غيرهم، لدرجة أن من العلماء من يرى أن المنطقة التي عمرت في الكون أولًا هي مصر، وتبعًا لهذا يمكن القول بمجيء رسول إلى المصريين منذ القدم.
بل إن العقل يسلم بنزول عدد من الرسل في مصر يدعون للتوحيد على فترات، فكلما غابت رسالة تأتي أخرى وهكذا، ولعل هذا يفسر ظهور دعوة التوحيد في فترات مختلفة على امتداد التاريخ المصري القديم.