للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآلهة الباطلة والأرباب الزائفة التي عبدها الناس بعيدًا عن الوحي الإلهي المنزل، فأخناتون أراد أن يوحد المصريين وأن يقلل من عدد الآلهة التي تعبد، فجعلها في صورة الشمس.

ونحن لا نقول بأن عبادة الشمس ولو تفردت الشمس بالعبادة تكون توحيدًا، إنما هو توحيد الآلهة الكثيرة الباطلة في إله واحد باطل أيضًا، وهو عبادة الشمس، لكن التوحيد الحق هو الذي جاء في الرسالات السماوية، ومما يلاحظه الدارس لديانات العالم القديم أن أشد الأمم تدينًا هم المصريون القدماء، حتى لقد قال شيخ المؤرخين هيرودوت: "إن المصريين أشد البشر تدينًا، ولا يعرف شعب بلغ في التدين درجتهم فيه، فإن صورهم بجملتها تمثل أناسًا يصلون أمام إله، وكتبهم في الجملة أسفار عبادة ونسك".

ولقد كان لشدة تدينهم أن أدخلوا الدين في كل أعمالهم الخاصة والعامة، فالدين مسيطر حتى في الكتابة في الحاجات الخاصة، وفي الإرشادات الصحية، والواقع أن عقائد المصريين كانت تتخالف بتخالف الأقاليم، وكانت آلهتهم محلية، فكان لكل مدينة إله أو أكثر، بيد أنه يجب علينا أن نعتقد أن دعوات إلى التوحيد الخالص بعبادة إله واحد، فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، قد تواردت على العقل المصري.

ولقد ورد في القرآن الكريم ما يفيد أن يوسف -عليه السلام- وهو نبي كريم من أنبياء الله دعاهم إلى عبادة الواحد القهار، فلقد ورد في سورة "يوسف" ما حكاه الله تعالى من كلامه لصاحبي السجن، فقد قال حاكيًا عنه: {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ

<<  <   >  >>