للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (البقرة: ١٣٦).

نقول إذن: إن الإسلام بمعناه القرآني الذي وصفناه لا يصلح أن يكون محلًّا للسؤال عن علاقة بينه وبين سائر الأديان، أو بين سائر الرسالات السماوية؛ إذ لا يسأل عن العلاقة بين الشيء ونفسه فهاهنا وحدة لا انقسام فيها، ولا اثنينية، وهذا يرجع إلى أصل الدين قبل أن يدخله تحريف كالذي حدث من اليهود والنصارى، فهو دين واحد {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (آل عمران: ١٩).

أنتقل إلى جزئية أخرى حول ضرورة الدين في حياة الإنسان، ما هي ضرورة الدين في حياة الإنسان؟ نقول -وبالله التوفيق:

إن الدين ضرورة من ضرورات الحياة يحتاج إليه الإنسان، كما يحتاج إلى الهواء والماء والغذاء، وضرورة لا يستطيع أن يعيش بمعزل عنها، وما عاشت على وجه الأرض أمة ولا جماعة، وكانت لها حياة إلا وكان لها دين ومعبودات، حقًّا كان هذا الدين وتلك المعبودات أم باطلة، وكما يقرر التاريخ البشري أن كثيرًا من الحضارات والمدن قامت بلا مصانع، ولا حصون، ولا قصور، ولكن لم توجد أمة أو مدينة بلا معابد، أو صوامع، وتلك شهادة التاريخ بأن الإنسان يوم أن وُلد وُلد ومعه حظه من الدين والتدين، وإذا كانت الحياة قد بلغت في القرن العشرين قدرًا من الرقي والتقدم، وقدمت للإنسان ما يشتهي وما يتمنى، ووفرت له حظًّا من الرفاهية؛ فقد جاءت خطواتها عرجاء شائهة مرهقة، يوم تسلحت بالعلم، وتنكرت للدين.

لقد رغد العيش، وتقدمت الحياة، ولكن فقدت النفس سكينتها، والمجتمع أمنه: أمان النفس والروح؛ لأنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، إن ضعف الوازع

<<  <   >  >>