للإنسان، ويزين له مخالفة الشرع، والخروج عنه ولو بقصد الخير وهو في ذلك يأخذ الإنسان خطوة خطوة، كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}(النور: ٢١) وهو في ذلك له أهداف وغايات فأهم غاياته {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}(فاطر: ٦) ومن أكبر أهدافه: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ}(الحشر: ١٦، ١٧).
وفي قصة إضلاله للبشرية، ووقوعها في الشرك من بداية الأمر يحدثنا ابن عباس -رضي الله عنهما- فيقول:"ود" و"سواع" و"يغوث" و"يعوق" و"نسر" هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا، وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك، وانتسخ العلم عبدت.
قال ابن عباس: وصارت هذه الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد، وقال ابن جرير في تفسيره: كانوا قومًا صالحين بين آدم ونوح، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فقالوا: لو صورناهم كان أشوقِ لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم فصوروهم، فلمَّا ماتوا، وجاء آخرون دبَّ إليهم إبليس، فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يستقون المطر؛ فعبدوهم.
ومما سبق ندرك أن هذه الحادثة هي بداية الشرك في العالم كله إلى أن وصلت إلى الجزيرة العربية، ولكن الله أرسل الرسل لكي يخرجوهم من عبادة الأوثان إلى عبادة الرحمن، ومن عقيدة الشرك إلى عقيدة التوحيد.