للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى *وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا * وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَ ى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}. (طه: ١٢٣ - ١٢٥).

فقام آدم -عليه السلام- بنقل ما تلقاه من ربه إلى بنيه، وتعريفهم بإسلامه وعقيدته وتلقى بنوه هذه التعاليم بالقبول حتى عندما وقع الخلاف بينهم أو بين هابيل وقابيل رأينا أثر هذه التعاليم واضحة فيما وقعوا فيه من معصية أو خلاف قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ* لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ* إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} (المائدة: ٢٧ - ٢٩) الآيات.

وظلت تعاليم التوحيد في أبناء آدم وأحفاده، وتوارثوها جيلًا بعد جيل وظلت أجيال عدة بعد آدم -عليه السلام- لا تعرف إلا توحيد الله تعالى عقيدة مع إسلام الوجه لله تعالى دينًا، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على شريعة الحق فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين" والقرن قد يراد به المدة، وهي مائة سنة، قد يراد به الجيل من الناس أو المدة المتطاولة من الزمن، كما في قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ} (الإسراء: ١٧).

كذا في قوله: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ} (مريم: ٧٤) وفي قوله سبحانه: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ} (المؤمنون: ٤٢) وفي قوله تعالى: {وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} (الفرقان: ٣٨) فالتوحيد أصل في البشرية به بدأت وعليه نشأت، وأما الشرك والانحراف فهو شيء طارئ عليها ولا عجب فقد أخذ الله العهد والميثاق على ذرية آدم منذ بدأهم، وهم لا يزالون في عالم الذر كما في الآية: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ

<<  <   >  >>