نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (الأنعام: ٨٣) إبراهيم -عليه السلام- صاحب رايةِ التوحيدِ، كيف يشك في الأمر، كيف يتدرج من الشرك إلى التوحيد.
والحق يقال: إن عقيدة التوحيد كانت منذ منشأ الإنسان إلى دعوة محمد -صلى الله عليه وسلم- فهي البداية والخاتمة، ونصوص القرآن الكريم تؤكد بما لا يدع مقالة لقائل: إن البشرية صاحبتها عقيدة التوحيد من أول خطوة دبت بها على وجه الأرض، وما يقوله علماء مقارنة الأديان الغربيون: هذا يؤدي إلى إنكار الوحي والنبوة حيث اعتبر ظهور العقائد الدينية، وتطورها مجهودًا بشريًا نتيجة للارتقاء العقلي والثقافي؛ فأين إذًا هدي الله الذي تنزل على آدم -عليه السلام-: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى}(طه: ١٢٣).
والحق: أن آدم -عليه السلام- هو الذي عرف بنيه بربهم -سبحانه وتعالى- وبالإسلام ثم توالى موكب الإيمان بعد ذلك يتعهد البشرية أولًا بأول، ويعيدها إلى ربها إذا ضلت طريقه، أو أخطأت هداه، وكان نوح -عليه السلام- الذي جدد الدعوة إلى التوحيد، وأعاد إليه نقاءه وصفاءه، وحاول جاهدًا بكل ما يملك من طاقة النبي المرسل أن يخرج الناس مما انتكسوا فيه من ضلال، وكفران، وكانت النتيجة أن نجا الله نوحًا، ومن آمن معه، وأغرق من عداهم من عبدة الأصنام والأوثان، ثم استمر موكب الهداية يتجدد حينًا بعد آخر حتى جاء خاتم الأنبياء والرسل محمد -صلى الله عليه وسلم- فبنى على نهج إخوانه في الدعوة، وأكمل الله به الدين، وأتم به النعمة {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}(المائدة: ٣).