لكن هؤلاء القوم عرفوا بعد باسم اليهود، قلنا إن نسبة إلى قبيلة يهوذ التي عربت بقلب الذال دالًّا؛ فصارت يهودا أو من قولهم:{إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ}(الأعراف: ١٥٦) لكن أن يقال دين نزل من السماء يسمى اليهودية فلا؛ ولذلك فاليهود إنما هو اسم من أسماء هؤلاء القوم، وكذا يسمون بأسماء أخرى، كبني إسرائيل، والعبريين، والعبرانيين، وحديثًا عرفوا باسم الصهاينة، ويمكن أن يقال عنهم: الماسون، ويشار إلى فرق منهم فيقال: الصهاينة أو الأصوليون، وغير ذلك.
فأنتقل بعد تعريفهم لغةً واصطلاحًا إلى تسميتهم، أو أسمائهم:
يذكر العلماء أسماء معدودة لقوم موسى هؤلاء، فهم يعرفون قديمًا بالعبريين، أو العبرانيين نسبة إلى عابر بن سام أكبر أبناء نوح -عليه السلام- أو إلى جنس بشري يسمى عبيرو، ومنه اشتق الاسم أو ربما كان نسبة إلى حادثة العبور من مصر إلى الشام، أو الانتقال من مكان إلى آخر باعتبارهم من الأمم البدوية التي دأبت على الرحلة، وبهذا كانوا يعبرون الأماكن وينتقلون في البوادي، فارتبط بهم الاسم الذي يدل على ذلك.
وعلى الجملة فكل هذه العلل واردة وممكنة، وليس بالمستطاع إلغاء بعضها أو إثباته على وجه القطع، والشيء الذي يمكن القطع به هو أن من الممكن إطلاق اسم العبريين والعبرانيين على اليهود، وأن هذه التسمية من أقدم ما عرفوا بها، ومن أسماء هؤلاء القوم اليهود، وسبب هذه التسمية كما يرى بعض العلماء يرجع إلى نسبة القوم إلى أحد أبناء يعقوب -عليه السلام- وهو يهوذا أكبر أبنائه، وأحبهم إليه، وهو غير مسلَّم به؛ لأنهم من نسل "لاوي" لا من نسل يهوذا؛ فكيف ينسبون إلى غير أبيهم.