تعالى:(فهَلْ وجَدتُّم ما وَعَد ربُّكُم حقّاً؟ قالوا: نَعَم) ، لأن تقديره: نَعَمْ وجَدنا ما وَعَدنا ربُّنا حقّاً.
وأما بَلَى فتستعمل في جواب الاستخبار عن النفي ومعناها إثبات المنفي وردّ الكلام من الجَحْد الى التحقيق، فهي بمنزلة بَلْ، وإنما زِيدتْ عليها الألف ليحسُنَ السكوتُ عليها. وحكمها أنها متى جاءتْ بعد ألاَ وأمَا وألَمْ وألَيْسَ رفعتْ حكم النفي وأحالت الكلامَ الى الإثبات، ولو وقَع مكانَها نَعَمْ لحققت النفي وصدقت الجَحْدَ، ولهذا قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في تأويل قوله تعالى:(ألَسْتُ بربِّكُم؟ قالوا: بَلَى ... ) : لو أنهم قالوا: نَعَمْ كفروا. وهو صحيح لأن حكم نعم أن ترفع الاستفهام، فلو أنهم قالوا: نَعم لكان تقدير كلامهم: لست بربنا، وهو كفر. ويُحى أن أبا بكر بن الأنباري حضر مع جماعة من العُدول ليشهدوا على رجُل، فقال أحدهم للمشهود عليه: ألا نشهد عليك؟ فقال: نعمْ، فشهدت الجماعةُ عليه، وامتنع ابنُ الأنباري وقال: إن الرجل منَع من أن يُشهَدَ عليه بقوله نعم. لأن تقدير كلامه: لا تشهدوا عليّ.
(ح) ومن ذلك: النَّعَمُ والأنعام، لا يفرقون بينهما. وقد