وحذف المسند عند قيام القرينة يفيد ثلاث مزايا هامة هي التي ذكرناها في صدر الحيدث عن حذف المسند إليه، أعني وجازة العبارة وامتلاءها، ثم ترويقها وتصفيتها وصيانتها، ثم بناءها على إثارة الحس، والفكر حين تعول على النفس، والخيال في ملء جزء المعنى الذي لم يذكر لفظ دال عليه.
وبعد هذه المزايا العامة للحذف يبدو وراء كل تعبير سر خاص به.
ولا نستطيع أن نحدد أسرار الحذف في المسند كما نبهنا؛ لأن هذه الخصائص مظاهر لاختلاف المقامات والأحوال، ووظيفتها في الكلام هي جعله مطابقا المراد المتكلم وافيا بغرضه مبينا عن نفسه.
ومقامات الكلام متفاوتة تفاوتا يفوق الحصر، والأغراض تعدد بتعدد ما يعتور النفس من أفكار وأحوال.
قلت: هذا وأكرره ليتبين أن كل ما أذكره في هذه الدراسة ليس إلا أنماطا أوردتها على سبيل المثال لنهتدي بها في دراسة الأساليب، وتفهم أسرارها.
خذ في المسند قول ضابئ بن الحارث البرجمي:"من الطويل"
فمن يك أمسى بالمدينة رحله ... فإني وقيار بها لغريب
وما عاجلات الطير تدني من الفتى ... نجاحا ولا عن ريثهن يخيب