اللهم إرني الوجه الذي ترضى، وخذ بناصيتي فلا أصر فوجهي عنه، وأجعل آخر أيامي كفارة لأولها، واصرف عني لغو هذه الدنيا ولغوبها وارزقني الفهم، وأعني على نفسي، واجعل لي من نورك نورا في حياتي وعند مماتي، وفي قبري ويوم ألقاك، واللهم ارزقني استجابة الرجاء، ولا ترد لي عندك حاجة، وصلى يا رب على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، وبعد ...
فكلام البلاغيين ظاهر الدلالة على أن دراسة هذه العلم لا تقوم إلى على ما يجده الدارس في نفسه عند قراءة الشعر والكلام المختار، فإن أستحسن الكلام وستعذبه وراقه وكثر عنده نظر ليتعرف على ما في الكلام من صنعه يرجع إليها ما وجده في نفسه، وإن استهجن الكلام واسترذله نظر في الكلام ليتعرف على الشيء الذي فيه والذي صار به مستهجنا مسترذلا، وهو حين ينظر ليتعرف على سباب الحسن أو الاستهجان يكون قد بدأ العمل البلاغي ويكون قد وضع قدمه على طريق علماء هذ العلم، وشغله حينئذ هو تفلقد اللغة والأحوال والصيغ والخصوصيات والمصور والرموز، وكل ما يتحصل ببنية الشعر واللغة والأدب، ثم إنه لا يقع على هذا الذي وجب به الفضل إلا بمعونة الذوق، وهذا يعني أن هناك مرحلة سابقة للنظر البلاغي يكون الدارس فيها قد هيأ نفسه وأشربها من بيان اللغة وجيد الكلام، وأحيا حسها بما أشربها وأيقظها وشحذها، ونبهها. وإنما يكون ذلك بتفقد الشعر والنظر في صوره ولغته، والوعي برموزه، وإشاراته، والتدقيق في امتلاك خواطره،