يرجع حسن العبارة في كثير من التراكيب إلى ما يعمد إليه المتكلم من حذف لا يغمض به المعنى، ولا يلتوي وراءه القصد، وإنما هو تصرف تصفى به العبارة، ويشتد به أسرها، ويقوى حبكها، ويتكاثر إيحاؤها، ويتملئ مبناها، وتصير أشبه بالكلام الجيد، وأقرب إلى كلام أهل الطبع، وهو من جهة أخرى دليل على قوة النفس، وقدرة البيان، وصحة الذكاء، وصدق الفطرة.
وفي طبع اللغة أن تسقط من الألفاظ ما يدل عليه غيره، وأما ما يرشد إليه سياق الكلام أو دلالة الحال، وأصل بلاغتها في هذه الوجازة التي تعتمد على ذكاء القارئ والسامع، وتعول على إثارة حسه، وبعث خياله وتنشيط نفسه، حتى يفهم بالقرينة ويدرك باللمحة، ويفطن إلى معاني الألفاظ التي طواها التعبير.
والمتذوق للأدب لا يجد متاع نفسه في السياق الواضح جدا، والمكشوف