للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[مخالفة مقتضى الظاهر في صيغ الأفعال]

ألحق بعض الدارسين التعبير عن الماضي بالمضارع، والتعبير عن المضارع بالماضي أو بالأمر، وما شابه هذا التصرف بباب الالتفات، ملاحظين أنه -كما يرجح العلوي- هو العدول من أسلوب في الكلام إلى أسلوب آخر مخالف للأول، قال: "وهذا أحسن من قولنا: هو العدول من غيبة إلى خطاب، ومن خطاب إلى غيبة؛ لأن الأول يعم سائر الالتفاتات كلها، والحد الثاني إنما هو مقصور على الغيبة والخطاب لا غير، ولا شك أن الالتفات قد يكون من الماضي إلى المضارع، وقد يكون على عكس ذلك، فلهذا كان الحد الأول هو أقوى دون غيره".

وقد قلنا: إن المشهور في حده مذهبان، وهذا الذي يقوله العلوي خلاف المشهور، وقد ذكره قبله ابن الأثير.

وترانا نتجاوز ما يمكن أن يكون من حوار في مثل هذا الموقف منصرفين إلى تحليل الصور، والبحث في أسرارها للتعرف على دقائق خطرات المعاني وراء أحوال الصياغة، معتقدين بأن عد هذه المخالفة في صيغ الأفعال من الالتفات، أو قصر الالتفات على ما هو المشهور مسألة اصطلاحية لا يترتب عليها كبير أثر.

وإنما الأثر كله في تفقد روابط الكلام، وأحواله وصيغه، واستخراج ما في ذلك كله من رقائق المعاني، ولطائف الإشارات.

ولننظر في قوله تعالى: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ

<<  <   >  >>