للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[حذف المفعول]

وحذف المفعول تكثر لطائفة وتدق أسراره، وكأن المزايا فيه أخلب وما يظهر بسببه من الحسن، والرونق أعجب كما يقول عبد القاهر.

وقد اعتاد البلاغيون أن يقدموا بين يدي هذا الحذف دراسة في الفعل، وتعلقاته نوجزها فيما يلي:

قالوا: إنك إذا أردت أن تخبر عن مجرد وقوع الحدث وحصوله، فأنت في غنى عن ذكر الفاعل والمفعول، والعبارة عن ذلك أنك تأتي بمصدر الفعل فاعلا لكون عام كأن تقول وقع ضرب، أو وجد إكرام أو حدث إعطاء ...

وما إلى ذلك من العبارات التي تفيد وقوع الحدث، وحصوله من غير إفادة تعلقه بفاعل ولا مفعول.

وإذا أردت أن تفيد وقوع الفعل من فاعل، فالعبارة عن ذلك أن تذكر الفعل والفاعل فقط، فتقول: ضرب محمد، ولا تذكر المفعول ولا تنوه، ولا تخطره بنفسك، قال ابن هشام: "ولا يسمى محذوفا"؛ لأن غرضك بيان وقوع الضرب من محمد، فإذا ذكرت المفعول في هذا المقام، وقلت: ضرب محمد ولده، أوهمت أنك تريد الإخبار بوقوع الفعل على المفعول، وإن غرضك الذي تتوخاه بعبارتك، وليس غرضك أن الضرب يقع منه فحسب، قال عبد القاهر: "ألا ترى أنك إذا قلت: هو يعطي الدنانير، كان المعنى على أنك قصدت أن تعلم السامع أن الدنانير تدخل في عطائه، أو أنه يعطيها خصوصا دون غيرها، وكان غرضك على الجملة بيان جنس ما تتناوله الإعطاء لا الإعطاء في نفسه، ولم يكن كلامك مع من نفي أن يكون كان منه إعطاء بوجه من الوجوه، بل مع من أثبت له الإعطاء إلا أنه لم يثبت إعطاءه الدنانير، فاعرف ذلك فإنه أصل كبير عظيم النفع أراد أهمية تقدير اللفظ على المعنى.

وإذا لمن يكن قصدك أن تخبر بوقوع الفعل فحسب، ولا بوقوعه من الفاعل.

<<  <   >  >>