قالوا: إذا أردت أن تفيد مخاطبك انطلاق زيد، ولم يكن يعرف شيئًا عن هذا الانطلاق قل: زيد منطلق، فإذا كان يعرف أن انطلاقا وقع، ولكنه لم يعلم أن هذا الانطلاق كان من زيد، أو من عمرو وأردت أن تفيده أنه كان من زيد قلت له: زيد المنطلق فأنت في هذا تفيده أن الانطلاق الذي يعلم أنه وقع، ويحتم عنده أن يكون من زيد، أو من عمرو هو من زيد على القطع بخلاف الصورة الأولى التي يكون فيها المسند نكرة، فأنت فيها تفيده انطلاق زيد، ولم يكن يعلم شيئا عن الانطلاق، فهو في صورة التعريف كان يعلم أن انطلاقا وقع، ولكنه لا يعلم ممن وقع، وفي صورة التنكير كان لا يعلم أن انطلاقا وقع، وهذا هو أساس الفرق بين الصورتين.
قال عبد القاهر:"والنكتة أنك تثبت في الأول الذي هو قولك: زيد منطلق، فعلا لم يعلمه السامع من أصله أنه كان، وتثبت في الثاني الذي هو زيد المنطلق فعلا، قد علم السامع أنه كان، ولكنه لم يعلمه زيد، فأفدته ذلك".
وإذا دققت النظر وأرحبته وجدت كثيرًا من معاني تعريف المسند، كأنها متفرعة عن هذا الأصل.
والمهم أنك في صورة التنكير تستطيع أن تعطف فتقول: زيد منطلق وعمرو، ولا يجوز لك أن تقول: زيد المنطلق وعمرو، وذلك؛ لأنك في الأول لا تتحدث عن انطلاق معروف ومعين، فجاز أن تشرك عمرًا فيه، وفي الثاني تتحدث عن انطلاق معروف للمخاطب، ومعين فإذا أثبته لزيد لم يصح لك أن تثبته لعمرو، فإذا قلت: يمكن أن يكون هذا الانطلاق المخصوص المبين كان من زيد وعمرو، وأردت الإخبار بذلك، فالعبارة عنه أن تقول: زيد وعمرو المنطلقان بخلاف زيد المنطلق وعمرو؛ لأنك حينئذ تثبته أولا لزيد، ثم تجيء فتثبته لعمرو وهذا خطأ.