وقال عبد القاهر:"ومن الواضح في تمثيل هذا النحو قولنا: هو القائل بيت كذا، كقولك: جرير هو القائل: "وليس لسيفي في العظام بقية".
لو حاولت أن تشرك في هذا الخبر غيره، وقلت: جرير هوالقائل هذا البيت وفلان حاولت محالا؛ لأنه قول بعينه فلا يتصور أن يشرك جرير غيره".
وقد يفيد تعريف المسند قصر المسند على المسند إليه لقصد المبالغة، وتقول: زيد الجواد، وعمرو الشجاع فتفيد قصر جنس الجود على زيد، وقصر جنس الشجاعة على عمرو، ولكنك لا تقصد القصر الحقيقي، وأن الجود لا يتصف به أحد إلا زيد على وجه الحقيقة التحقيقية، وأن الشجاعة لا يتصف بها أحد إلا عمرو، وإنما تقصد المبالغة في وصف زيد بالجود، وعمرو بالشجاعة، فتخيل بهذا قصر هذه الصفات على المذكورين قصدا للمبالغة، وأنك لم تعتد بهذه الصفات في غيرهم، وتقول: زيد الشاعر على معنى أنه بالغ في الشاعرية مبلغا صير غيره، كأنهم ليسوا شعراء، وتقول: زيد العالم لا تقصد أنه وحده العالم على الحقيقة، وإنما تقصد أنه بالغ في العلم مبلغ الكمال حتى صار غيره كأنه ليس بعالم، وهذا لا يجوز فيه العطف، فلا تقول: زيد الشاعر وعمرو، وإنما تقول: زيد الشاعر فإن أردت أن تشرك عمرا في هذه الصفة، وأنه بالغ فيها مبلغ زيد، فالعبارة عن ذلك أنك تقول: زيد وعمرو الشاعران على معنى أنك لا تعتد بشعر غيرهما كما قلنا، ومثله قول مزرد بن ضرار:"من الطويل"
فقد علمت فتيان ذبيان أنني ... أنا الفارس الحامي الذمار المقاتل
اراد أنه لا فارس سواه؛ لأن غيره من الفرسان لا يعتد بهم، ولا يذكرون إذا ذكره.
ومثله قول المتنبي:"من الطويل"
ودع كل صوت دون صوتي فإنني ... أنا الصائح المحكي والآخر الصدى