إن أهم ما يبحث في هذا الموضوع هو تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي كقولك: محمد يقوم، وهذا التركيب كما يقول البلاغيون صالح، لأن يفيد أمرين:
الأول: تقوية الحكم فقولنا: محمد يقول الشعر أوكد في بيان أنه يقول الشعر من قولنا: يقول محمد الشعر، ومثله هو يعطي أوكد في الدلالة من قولنا: يعطي، ولذلك تجري هذه الصياغة في المقامات التي تدعو إلى التوكيد، والتقرير مثل مواجهة الشك في نفس المخاطب، والرغبة في إقناعه، ومثل رد الدعوى التي يدعيها المخاطب، ومثل أن يكون المتكلم معنيا بكلامه مقتنعا به، فهو يريد أن يثبته في القلوب قويا مقررًا كما هو مقرر في نفسه، وغير ذلك من مقامات التقوية والتقرير، وهي كثيرة لا تحصى وراقب نفسك ساعة واحدة لترى كم تنزع نفسك إلى التوكيد في هذه الساعة، ولهذا كثر في الكلام جدًّا.