للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال عبد الرحمن بن الحكم بن هشام يلوم بني أمية لما أخذ عمر بن عبد العزيز في رد المظالم، وغلظ ذلك منه على أهل بيته قال: "من الطويل"

فقل لهشام والذين تجمعوا ... بدابق موتوا لا سلمتم يد الدهر

فأنتم أخذتم حتفكم بأكفكم ... كباحثة عن مدية وهي لا تدري

عشية بايعتم إماما مخالفا ... له شجن بين المدينة والحجر

فقوله: "فأنتم أخذتم حتفك بأكفكم"، قدم فيه المسند إليه على البخر الفعلي، فأفاد تقوية الخبر، وهو تقرير الخطأ العظيم الذي وقعوا فيه -كما يزعم- حين بايعوا عمر بن عبد العزيز، وهذا التوكيد يشير إلى اهتمامه، واعتقاده بالخبر، وتأكيد أنه لا محالة كان منهم.

وقد قال أحد ولد مروان معارضا ابن الحكم بن هشام: "من الطويل"

لئن كان ما يدعو إليه هو الردى ... فما أنت فيه ذا غناء ولا وفر

فأنت من الريش الذنابي ولم تكن ... من الجزلة الأولى ولا وسط الشعر

ونحن كفيناك الأمور كما كفى ... أبونا أباك الأمر في سالف الدهر

قوله: ونحن كفيناك الأمور جاء على طريقة تقديم المسند إليه؛ لأنه يريد تقوية هذا الأمر الدال على سيادة بني مروان، وظهورهم عليهم، وأن كفايتهم بني هشام مقرر وثابت، وواضح أن سياق الكلام سياق معارضة، وهو يحتاج إلى توكيد المعاني وتقريرها، ويمكن أن يقال: إن التقديم في نحن كفيناك يفيد الاختصاص بل إن المعنى يقوي به، وكأنه يقول له: لم يكفكم الأمور سوانا أي أنتم عاجزون عن كفاية أموركم، فكيف بأمر الخلافة؟ وهو أمر عظيم شامل، ومعنى الاختصاص والتقوية، لا يتعارضان، فما يفيد الاختصاص يفيد التقوية؛ لأن الاختصاص كما قالوا: تأكيد على تأكيد، نعم قد يكون التركيب مفيدًا للتقوية فقط، ولا تصلح معه دلالة الاختصاص كما ستعرف.

واقرأ قول المعذل بن عبد الله الليثي، وكان يقول التبريزي: كثيرا ما يقترف

<<  <   >  >>