لحظ البلاغيون أن دراسة وضع المظهر موضع المضمر وعكسه، ودراسة الالتفات تتصل بباب المسند إليه؛ لأنها من أحوله، فألحقوها بهن كما لحظوا أن أساليبها مما لا تجري على مقتضى المقررات المتعارفة، وإنما هي ضروب من المخالفة، فترجموا لها بخروج المسند إليه على خلاف مقتضى الظاهر، وألحقوا به أسلوب الحكيم؛ لأنه ضرب من المخالفة.
وقد تابعناهم في ذلك لبنائه على ملاحظات دقيقة في ربط مباحث العلم، وتلاحقها في نظام يجمعها، ثم إننا نكره الاختلال في تنظيم مسائل العلم ما دام لها وجه، وليس هذا قيدا على الاجتهاد؛ لأن الاجتهاد النافع هو في مسائل العلم؛ لأنها جوهر.
أما مخالفة مقتضى الظاهر في الإضمار والإظهار، فقد قالوا: الأصل ألا يذكر الضمير إلا وقد سبقه ما يعود عليه ليكون المقصود بالكلام واضحا، تقول: لقيت زيدا وأكرمته، فتذكر الضمير في أكرمته؛ لأنه سبقه ما يعود عليه، ولا تقول لقيته هكذا ابتداء؛ لأن ذلك ضرب من التعمية، والإلباس يناقض القصد من اللغة والبيان.
ومع وضوح هذا الأصل تجد صورًا من الأساليب بنيت على خلافه، فيذكر الضمير ليفسر بمتأخر عنه في بعض هذه الصور، أو يذكر منن غير مفسر اعتمادًا على فهم السامع، أو وضوح المعنى أو غير ذلك مما نشير إلى بعضها إن شاء الله.
ومن الصور التي يفسر فيها الضمير بمتأخر عنه ما يكون الضمير فيه ضمير الشأن والقصة، والأساليب التي تصاغ على هذا الطريقة حين تصيب مواقعها تجد لها مذاقا حسنا ووقعا جليلا؛ لأن الضمير حين يطرق النفس من غير أن