فساده، لأني وجدته يعاد من جديد، في مؤلفات كثيرة وفي بحثو علمية، وهو يستشري، ويتسع، مع الغفلة، وخلو الوفاض من العلم بأوليات العلم، وتربي عليه أجيال.
ثم إن قضية الإعجاز لها جانب يعالجه علماء العقائد ويغلب عليه علم الكلام؛ ولا شأن للإعجاز البلاغي به، لأن الإعجاز البلاغي يخوض في الشعر وبلاغة البيان من ألفه إلى يائه؛ ولم يغفل علماؤنا التنبيه إلى ذلك، وإنما كانوا يقوولون أنهم يدروسن الإعجاز على طريقة أهل الأدب، وليس على طريقة المتكلمين، وتخلو كتبهم خلوا تاما من مسائل علم الكلام، كالذي تراه في كتابات عبد القاهر في كتابه الأساسي وهو دلائل الإعجاز، وفي رسالته الشافية، وكالذي تراه في رسالة الخطابي وكتاب الرماني، ومن لطائف كلام الشيخ عبد القاهر في هذا قوله في الرسيالة الشافثية، إنك؛ إذا خاطبت بموضوع الإعجاز من ليس له طبع في فهم كلام العرب "كنت كمن يلتمس الشم من أخشم" وكتب الإعجاز فيها أصول في نقد الشعر لا تجدها في كتب النقد الخالصة كالموازنة والوساطة وغيرها.
ولم أقرأ القول بأن اشتغال البلاغة بالإعجاز أفسدها لأحد قبل المرحوم أمين الخولي وقرأت هذه بعده الكثير من الكتاب الذين لم يكلفوا أنفسهم مراجعة ما يقرؤون، وأطقع أن الشيخ أمين لم يقرأ من كتب الإعجاز إلا ما كتبه القاضي عبد الجبار في الجزء السادس عشر من كتابه الكبير المغني في أبواب التوحيد والعدل، وقد حققه الشيخ أمين -رحمه الله- وأثابه، ولو قرأ الباقلاني وأو الخطابي أو الرماني لما قال هذا، وكتاب الخطابي مع صغر حجمه فيه من العلم والبلاغة العالية والفكر النقدي المضمر في طي سطوره الكثير والنافع، والباقلاني يقول إنه لا يدرك الإعجاز