للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البخاري، وقد عُرِف عن مسلم تبجيله للبخاري.

وأنت إذا تدبّرتَ تلك الكلمات وجدت لها مخارج مقبولة، وإن كان ظاهرها التشنيع الشديد.

وفي ترجمة الحسن بن صالح بن حيّ من "تهذيب التهذيب" (١) كلمات قاسية أطلقها بعضُ الأئمة فيه، مع ما عُرِف من فضله، ومنها (٢): "قال أبو صالح الفراء: "ذكرتُ ليوسف بن أسباط عن وكيع شيئًا من أمر الفتن، فقال: ذاك يشبه أستاذه ــ يعني: الحسن [بن صالح] بن حيّ ــ فقلت ليوسف: أما تخاف أن تكون هذه غيبة؟ قال: لِمَ يا أحمق؟ أنا خيرٌ لهؤلاء من آبائهم وأمهاتهم، أنا أنهى الناس أن يعملوا بما أحْدَثوا، فتتبعهم أوزارهم، ومَن أطراهم كان أضرَّ عليهم".

[ص ١٦] أقول: الأئمة غير معصومين عن الخطأ والغلط، وهم إن شاء الله تعالى معذورون مأجورون فيما أخطؤوا فيه، كما هو الشأن فيمن أخطأ بعد بَذْل الوسع في تحرِّي الحق، لكن لا سبيل إلى القطع بأنه لم يقع منهم في بعض الفروع تقصير يؤاخذون عليه، أو تقصير في زجر أتباعهم عن الغلوِّ في تقليدهم.

على أن الأستاذ إذا أحبَّ أن يسلك هذه الطريق لا يضطر إلى الاعتراف بأنّ ابن عيينة اعتقد أن أبا حنيفة أخطأ في بعض مقالاته، بل يمكنه أن يقول: لعلَّ ابنَ عيينة رأى أناسًا قاصرين عن رتبة أبي حنيفة يتعاطَون مثل ما كان يقع


(١) (٢/ ٢٨٥).
(٢) تحتمل قراءتها: "وفيها".