للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأحمد بن صالح، وككلمة مالك في ابن إسحاق.

فلننظر في هذه الأمور (١):

أما الشهادة للنفس، فجاء الشرع بعدم قبولها، وليس ذلك حكمًا بِتَحقُّقِ التهمة في كلّ شاهد لنفسه، أي: أنه حقيق بأن يظن به عارفوه أنه لا يتورَّع عن أن يشهد لنفسه زورًا (٢).

ألا ترى في كبار الصحابة وخيار التابعين أن أحدهم لو شهد لنفسه بمالٍ مثلًا لجزمنا بأنه غير مفترٍ، ولاسيما إذا كان غنيًّا، وكان المال نزرًا، والمشهود عليه معروفًا بجَحْد الحقوق. ولو كان العدل حقيقًا بأن يُتّهم بأنه شهد لنفسه زورًا، لكان حقيقًا أن يتهم في شهادته لغيره، إذ كيف تتهمه فيما لو شهد لنفسه بدرهم بأنه شهد زورًا حرصًا على أن يحصل له درهم، ولا تتهمه إذا شهد لغيره بعشرة دراهم بأنه شهد زورًا لتحصل له ثلاثة دراهم مثلًا حيث يحتمل أن يكون المدّعي رشاه. وفي أصحابنا من لا نتهمه، ولو حصل له بسبب شهادته مائة أو أكثر، وذلك كأن يدّعي على فاجر بمائة فيجحده، ثم تجري للفاجر قضية، فيجيء إلى صاحبنا، ويقول له: أنت عارف بالقضية، فاحضر فاشهد بما تعلم، فيقول: نعم أنا عارف بها، ولكنك ظلمتني مائة، فإن دفعت لي المائة شهدت بما أعلم، فيدفع له مائة فيشهد، فإننا لا نتهم صاحبنا في دعواه ولا شهادته.


(١) كتب المؤلف: "وقد كنت بسطت الجواب عن هذه الأمور في "التنكيل" والآن دعت الحاجة إلى تلخيصه هنا". ثم ضرب عليها.
(٢) كتب المؤلف بعدها هكذا: "ص ٢٠ ( ... ) " فنقلناه إلى مكانه.