للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: فعلى هذا، يبدل مكان قولي في آخر العبارة السابقة المنقولة عن «الطليعة»: «بأزيد من مائة سنة»، بلفظ «بمائة وأربع عشرة سنة».

فأنا إنما احتججت بسبعة أوجه، كما أثبته مع الأرقام، ومعلوم أنه إذا كان منها ما لا يكفي بمفرده لإثبات الدعوى، ولكن المجموع كافٍ، لم ينبغِ لعالم المناقشة بأن منها ما لا يكفي وحده.

على أنّ مَن تتبع صنيع أهل العلم في التمييز بين المتفقين وجدهم كثيرًا ما يفزعون إلى قرينة إنما تفيد الرجحان. راجع «فتح المغيث» (ص ٤٤٩ - ٤٥٠) (١).

ومما قاله هناك: «ويزول الإشكال عند أهل المعرفة بالنظر في الروايات ... أو باختصاص الراوي بأحدهما، إما بأن لم يرو إلا عنه فقط ... أو بأن يكون من المكثرين عنه، الملازمين له، دون الآخر ... أو بكونه ــ كما أُشير إليه في معرفة أوطان الرواة ــ بَلَديّ شيخه، أو الراوي عنه إن لم يُعْرَف بالرحلة، فإن بذلك وبالذي قبله يغلب على الظن تبيين المهمل. ومتى لم يتبين ذلك بواحد منها ... فيرجع فيه إلى القرائن والظن الغالب».

ومعلوم أن المعروفين بصحبة جابر بن عبد الله الصحابي، إذا قال أحدهم ــ وإن كان مدلسًا ــ: «سمعت جابرًا يقول: قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ... » = لا يتردَّد أهل العلم ــ قديمًا وحديثًا ــ في حمله على جابر بن عبد الله الصحابي، وإن عرفوا أنه كان في عصر الراوي أو بلده كثيرون اسم كل منهم «جابر».

وهكذا الحال في «أنس» وغيره، وأمثلة ذلك أكثر من أن تحصى.


(١) (٤/ ٢٨٣ - طبعة الجامعة السلفية).