للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ص ١٢٩) ويأتي تحقيق ذلك في ترجمة ثعلبة من "التنكيل" (١) وحاصله: أن ابن معين قد يقول "ليس بشيء" على معنى قلّة الحديث فلا تكون جرحًا، وقد يقولها على وجه الجرح ــ كما يقولها غيره ــ فتكون جرحًا، [ص ٥٣] فإذا وجدنا الراوي الذي قال فيه ابن معين: "ليس بشيء" قليلَ الحديث وقد وُثِّق، وجب حَمْل كلمة ابن معين على معنى قلة الحديث لا الجرح، وإلا فالظاهر أنها جرح. فلما نظرنا في حال ثعلبة، وجدناه قليلَ الحديث، ووجدنا ابن معين نفسه قد ثبت عنه أنه قال في ثعلبة: "لا بأس به". وقال مرة: "ثقة"، كما في "التهذيب" (٢).

وممن قال ابنُ معين فيه: "ليس بشيء" أبو العطوف الجرّاح بن المنهال، فنظرنا في حاله، فإذا له أحاديث غير قليلة ولم يوثّقه أحد بل جرَّحوه، قال ابن المديني: "لا يُكتب حديثه"، وقال البخاري ومسلم: "منكر الحديث"، وقال النسائي والدارقطني: "متروك"، وقال أبو حاتم والدولابي الحنفي: "متروك الحديث ذاهب لا يكتب حديثه"، وقال النسائي في "التمييز": "ليس بثقة ولا يكتب حديثه" وذكره البرقي فيمن اتُّهِمَ بالكذب، وقال ابن حبان: "كان يكذب في الحديث ويشرب الخمر .... ". والكلام فيه أكثر من هذا (٣). فعرفنا أن قول ابن معين فيه: "ليس بشيء" أراد بها الجرح كما هو المعروف عند غيره في معناها.

فتدبَّر ما تقدم، ثم انظر حال الأستاذ إذ يبني على حكاية الأزدي عن ابن


(١) (رقم ٦١).
(٢) (٢/ ٢٣).
(٣) انظر "الميزان": (١/ ٣٩٠)، و"اللسان": (٢/ ٢٤٦).