للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَالَ الْعِزُّ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، ابْنُ الأَثِيرِ، فِي "كَامِلِهِ" (١): "إِنَّ فَوَائِدَهُ كَثِيرَةٌ، وَمَنَافِعَهُ الدُّنْيَوِيَّةَ وَالْأُخْرَوِيَّةَ (جَمَّةٌ) (٢) غَزِيرَةٌ، وَهَا نَحْنُ نَذْكُرُ شَيْئًا مِمَّا ظَهَرَ (٣) لَنَا فِيهَا، وَنَكِلُ إِلَى قَرِيحَةِ النَّاظِرِ فِيهِ مَعْرِفَةُ بَاقِيهَا.

فَأَمَّا الدُّنْيَوِيَّةُ فَمِنْهَا: أَنَّ الإِنْسَانَ لَا خَفَاءَ بِهِ (أَنَّهُ) (٤) يُحِبُّ الْبَقَاءَ، وَيُؤْثِرُ أَنْ يَكُونَ فِي زُمْرَةِ الْأَحْيَاءِ، فَيَا لَيْتَ شِعْرِي؛ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ مَا رَآهُ أَمْسِ أَوْ سَمِعَهُ، وَبَيْنَ مَا قَرَأَهُ فِي الْكُتُبِ الْمُتَضَمِّنَةِ أَخْبَارَ الْمَاضِينَ وَحَوَادِثَ الْمُتَقَدِّمِينَ، فَإِذَا طَالَعَهَا فَكَأَنَّهُ عَاصَرَهُمْ، وَإِذَا عَلِمَهَا فكَأَنَّهُ حَاضَرَهُمْ!

وَمِنْهَا: أَنَّ الْمُلُوكَ، وَمَنْ إِلَيْهِمِ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ، إِذَا وَقَفُوا عَلَى مَا فِيهَا مِنْ سِيرَةِ أَهْلِ الْجَوْرِ وَالْعُدْوَانِ، وَرَأَوْهَا مُدَوَّنَةً فِي الْكُتُبِ يَتَنَاقَلُهَا النَّاسُ، فَيَرْوِيهَا خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ، وَنَظَرُوا إِلَى مَا أَعْقَبَتْ مِنْ سُوءِ الذِّكْرِ، وَقُبْحِ الْأُحْدُوثَةِ، وَخَرَابِ الْبِلَادِ، وَهَلَاكِ الْعِبَادِ، وَذَهَابِ الْأَمْوَالِ، وَفَسَادِ الْأَحْوَالِ، اسْتَقْبَحُوهَا، وَأَعْرَضُوا عَنْهَا، وَاطَّرَحُوهَا. فَإِذَا رَأَوْا سِيرَةَ الْوُلَاةِ الْعَارِفِينَ (٥) وَحُسْنَهَا، وَمَا يَتْبَعُهُمْ مِنَ الذِّكْرِ الْجَمِيلِ بَعْدَ ذَهَابِهِمْ، وَأَنَّ بِلَادَهُمْ وَمَمَالِكَهُمْ عُمِّرَتْ، وَأَمْوَالَهَا دَرَّتِ، اسْتَحْسَنُوا ذَلِكَ وَرَغِبُوا فِيهِ، وَثَابَرُوا عَلَيْهِ وَتَرَكُوا مَا يُنَافِيهِ، هَذَا سِوَى مَا يَحْصُلُ لَهُمْ مِنْ مَعْرِفَةِ الْآرَاءِ الصَّائِبَةِ


= أحوال أهل العلم والقضاة، وفضلاء الرؤساء، والولاة ... ". انظر: الرافعي، التدوين في أخبار قزوين، ١/ ٢.
(١) انظر: ١/ ٩ - ١٠.
(٢) ساقط من باقي النسخ.
(٣) في باقي النسخ: يظهر.
(٤) ساقط من ز.
(٥) في الكامل: العادلين.

<<  <   >  >>