للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّتِي دَفَعُوا بِهَا مَضَرَّاتِ الْأَعْدَاءِ، وَخَلَصُوا بِهَا مِنَ الْمَهَالِكِ، وَاسْتَضَافُوا (١) نَفَائِسَ الْمُدِنِ وَعَظِيمَ الْمَمَالِكِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا غَيْرُ هَذَا لَكَفَى بِهِ فَخْرًا.

وَمِنْهَا: مَا يَحْصُلُ لِلإِنْسَانِ مِنَ التَّجَارِبِ، وَالْمَعْرِفَةِ بِالْحَوَادِثِ، وَمَا تُصِيرُ إِلَيْهِ (٢) عَوَاقِبُهَا، وَإِنَّهُ لَا يَحْدُثُ أَمْرٌ إِلَّا وَقَدْ تَقَدَّمَ هُوَ أَوْ نَظِيرُهُ فَيَزْدَادُ (بِذَلِكَ) (٣) عَقْلًا، وَيُصْبِحُ لِأَنْ يُقْتَدَى بِهِ أَهْلًا.

وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ حَيْثُ يَقُولُ (٤):

وَجَدْتُ (٥) العَقْلَ عَقْلَيْنِ ... فَمَطْبُوعٌ وَمَسْمُوعُ

وَلَا يَنْفَعُ مَسْمُوعٌ ... إِذَا لَمْ يَكُ (٦) مَطْبُوعُ

يَعْنِي بِالْمَطْبُوعِ الْعَقْلَ الْغَرِيزِيَّ الَّذِي خَلَقَهُ اللهُ تَعَالَى لِلْإِنْسَانِ، وَبِالْمَسْمُوعِ مَا يَزْدَادُ بِهِ الْعَقْلُ الْغَرِيزِيُّ مِنَ التَّجْرِبَةِ، وَجَعَلَهُ عَقْلًا ثَانِيًا (٧) تَوَسُّعًا وَتَعْظِيمًا لَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ زِيَادَةٌ فِي عَقْلِهِ الْأَوَّلِ" انتَهَى.

وَيُشِيرُ إِلَيْهِ الْمَرْوِيُّ فِي الْمَرْفُوعِ: "إِنْ حُدِّثْتَ (٨) أَنَّ رَجُلًا تَحَوَّلَ عَنْ طِبَاعِهِ فَلا


(١) في إحدى نسخ الكامل: استصانوا.
(٢) في أ: إليها، والمثبت من باقي النسخ.
(٣) ساقط من ز.
(٤) نسب الغزالي هذا النظم لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-. انظر: الغزالي، إحياء، ص ١١٠. ولم أجده في "ديوان علي" ط يوسف فرحات. وقد ورد النظم في أ، وفي الكامل، ١/ ١٠.
(٥) في الكامل: رأيت.
(٦) في ب: يكن.
(٧) في أ: ثابتًا، وهو تصحيف، والتصويب من باقي النسخ، ومن: الكامل.
(٨) في أ: حَدَثَ، والمثبت من باقي النسخ.

<<  <   >  >>