للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْمَتِينِ، وَالتِّكرَارَ الْخَالِيَ عَنِ الفَوَائِدِ وَالْفَرَائِدِ الَّتِي يَعْجِزُ عَن جَمْعِهَا أَلْفُ رَائِدٍ، اسْتَخَرْتُ اللهَ ... " إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ (١).

وَقَالَ الْمُحْيَوِيُّ أَبُو زَكرِيَّا يَحْيَى بْنُ شَرَفٍ النَّوَوِيُّ فِي أَوَّلِ "طَبَقَاتُ الفُقَهَاءِ" (٢) الَّتِي بَيَّضَهَا مِنْ كِتَابِ ابْنِ الصَّلَاحِ، وَهِيَ عَلَى الْحُرُوفِ:

"إِنَّ مَعْرِفَةَ الْإِنْسَانِ بِأَحْوَالِ الْعُلَمَاءِ رِفْعَةٌ وَزينٌ، وَإِنَّ جَهْلَ طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَأَهْلِهِ بِهِمْ لَوَصْمَةٌ وَشَيْنٌ، وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْأَيْقَاظُ أَنَّ الْعِلْمَ بِذَلِكَ جَمُّ الْمَصَالِحِ وَالْمَرَاشِدِ، وَأَنَّ الْجَهْلَ بِهَا إِحْدَى جَوَالِبِ الْمَنَاقِصِ وَالمَفَاسِدِ؛ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمْ حَفَظَةَ الدِّينِ الَّذِي هُوَ أُسُّ السَّعَادَةِ البَاقِيَةِ، وَنَقَلَةَ الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ الْمِرْقَاةُ إِلَى الرُّتَبِ الْعَالِيةِ، فَكَمَالُ أَحَدِهِمْ (يُكْسِبُ مَؤَدَّاهُ) (٣) مِنَ الْعِلْمِ كَمَالًا، وَاخْتِلَالُهَا يُورِثُهُ خَلَلًا وَخَبَالًا، وَفِي الْمَعْرِفَةِ بِهِمْ مَعْرِفَةُ مَنْ هُوَ أَحْقُّ بِالاقْتِدَاءِ وَبِالاقْتِفَاءِ، وَالْجَاهِلُ بِهِمْ مِنْ مُقْتَبِسَةِ الْعِلْمِ مَسْؤُولٌ عَنْ حَالِهِمْ (٤) عِنْدَ اخْتِلَافِهِمْ مِنَ الغَثِّ وَالسَّمِينِ، غَيْرَ مُمَيَّزٍ بَيْنَ الرَّتَبِ وَالدَّرِينِ (٥).


(١) انظر: سبط ابن الجوزي، مرآة الزمان في تاريخ الأعيان، ١/ ٣٩ - ٤٠.
(٢) انظر: ١/ ٧٤ - ٧٦.
(٣) في ب: بكسب مواده، قال محقق الطبقات محيي الدين علي: "في هامش (أ) تعليق هذا نصه: (مؤداه: يعني العلم الذي نقله فحمله إلينا، فرواه وأدّاه، وقوله: اختلالها، يعني اختلال العلماء يورث خللًا وخبالًا، أي فسادًا، فإنه يفسد بفساد العلماء). قُلْتُ: كذا قال، وفيه نظر ... ". انظر تعليق المحقق على الطبقات، ١/ ٧٤.
(٤) في الطبقات: مُسوٍّ لا محالة.
(٥) الرتب هي: الصخور المتقاربة، وقيل: ما أشرف من الأرض. والدرين: يبيس الحشيش وكل حطام من حمض وشجر. انظر: لسان العرب، ١/ ٤١٠ (مادة: رتب)، ١٣/ ١٥٣ (مادة: درن). وفي الطبقات: الرث والوزين.

<<  <   >  >>