للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَيَلْتَحِقُ بِذَلِكَ مَا يَقُعُ (١) بَيْنَ الأَئِمَّةِ، سِيَّمَا الْمُتَخَالِفِينَ فِي الْمُنَاظَرَاتِ وَالْمُبَاحَثَاتِ.

وَأَمَّا مَا أَسْنَدَهُ الحَافِظُ أَبُو الشَّيْخِ ابْنُ حَيَّانَ (٢) فِي كِتَاب "السُّنَّةُ" (٣) لَهُ مِنَ الْكَلَامِ فِي حَقِّ بَعْضِ الْأئِمَّةِ الْمُقَلَّدِينَ، وَكَذَا الحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "كَامِلِهِ" وَالْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ فِي "تَارِيخِهِ" وَآخَرُونَ مِمَّنْ قَبْلَهُمْ، كَـ: ابْنِ أَبِي شَيْبَةِ فِي "مُصَنِّفِهِ" وَالبُخَارِيِّ وَالنَّسَائِيِّ، مِمَّا كُنْتُ أُنَزِّهُهُمْ عَنْ إِيرَادِهِ، مَعَ كَوْنِهِمْ مُجْتَهِدِينَ، وَمَقَاصِدُهُمْ جَمِيلَةٌ، فَيَنْبَغِي تَجَنُّبُ (٤) اقْتِفَائِهِمْ فِيهِ.

وِلِذَا عَزَّرَ (٥) بَعْضُ الْقُضَاةِ الْأَعْلَامَ مِنْ شُيُوخِنَا مَنْ نُسِبَ إِلَيْهِ التَّحَدُّثُ بِبَعْضِهِ، بَلْ مَنَعَنَا شَيْخُنَا حِينَ سَمِعْنَا عَلَيْهِ كِتَابَ "ذَمُّ الْكَلَامِ" (٦) لِلْهَرَوِيِّ مِنَ الرِّوَايَةِ عَنْهُ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ.

وَلَمّا سَمِعَ بَعْضُ المُعْتَبَرِينَ قِصَّةَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ (٧) حَمَلَتْهُ الْغَيْرَةُ غَيْرَ مُلَاحِظٍ جَانِبَ الصَّحَابِيِّ -رضي الله عنه- إِلَى التَّكَلُّمَ بِمَا لَمْ يَتَدَبَّرْهُ، فَبَادَرَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ لِتَقْبِيحِهِ، بِحَيْثُ كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِاخْتِفَائِهِ شَهْرًا، وَكَانَ فِي هَذَا تَأْدِيبٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى لَهُ، فَإِنَّهُ أَنْكَرَ -فِيمَا سَبقَ- عَلَى بَعْضِ طَلَبَةِ شَيْخِنَا تَرْجَمَتَهُ لِقَرِيبٍ لَهُ، وَوَثَبَ عَلَيْهِ وَثْبَةً كَادَ يُهْلِكُهُ (٨) فِيهَا، فَمَا وَسِعَهُ إِلَّا الإِخْتِفَاءُ بَجَامِعِ عَمْرٍو شَهْرًا كَامِلًا حَتَّى سَكَنَ الْأَمْرُ.


(١) في باقي النسخ: وقع.
(٢) في باقي النسخ: حبان، وهو تصحيف.
(٣) هذا الكتاب في مجلد، وهو مفقود. انظر: الذهبي، سير، ١٦/ ٢٧٨.
(٤) في ز: تجنيب.
(٥) في ق، ز: عذر، وهو تحريف.
(٦) طُبع بتحقيق: عبد الله الأنصاري، نشر: مكتبة الغرباء الأثرية، الرياض، ١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م.
(٧) أخرجه مسلم في "صحيحه" (٢٤٩٤).
(٨) في باقي النسخ: يهلك.

<<  <   >  >>