للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ وَقَعَ الْمُنْكِرُ فِيمَا هُوَ أَشَدُّ، كُلُّ هَذَا مَعَ التَّحَرِي فِيمَنْ يُحِبُّهُ لِاقْتِفَائِهِ لَهُ، أَوْ لِصَدَاقَتِهِ مَعَهُ مِمَّا قَدْ تَكُونُ فِي اللهِ -تَعَالَى- أَوْ لإِحْسَانٍ وَنَحْوِهِ لِمَا جُبِلَتِ الْقُلُوبُ عَلَيْهِ مِنْ حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ، بِحَيْثُ قِيلَ: "اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلُ لِفَاجِرٍ عِنْدِي نِعْمَةً يَرْعَاهُ بِهَا قَلْبِي" (١).

وَانْظُرْ لِشِدَّةِ تَحَرُّزِ ابْنِ مَعِينٍ، فَإِنَّه لَمَّا قَدِمَ حَرَّانَ طَمِعَ أَبُو سَعِيدٍ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الضَّحَّاكِ البَابْلُتِّيُّ (٢) أَنَّهُ يَجِيءُ إِلَيْهِ فَوَجَّهَ (إِلَيْهِ) (٣) بِصُرَّةٍ فِيهَا ذَهَبٌ وَطَعَامٌ طَيِّبٌ، فَقَبِلَ الطَّعَامَ وَرَدَّ الصُرَّةَ، فَلَمَّا رَحَلَ سَأَلُوهُ عَنْهُ، فَقَالَ: "وَاللهِ إِنَّ صِلَتَهُ لَحَسَنَةٌ، وَإِنَّ طَعَامَهُ لَطيِّبٌ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْأَوْزَاعِي شَيْئًا" (٤)!

وَأَمَّا مَا يُرْوَى عَنِ الْأعْمَشِ مِنْ أَنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ (٥) وِلَايَةُ الحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ (٦) مَظَالِمَ الْكُوفَةِ قَالَ: "ظَالِمُنَا وَابْنُ ظَالِمِنَا، وُلِّيَ مَظَالِمَنَا" ثُمَّ قَالَ بَعْدَ يَسِيرٍ وَقَدْ جَهَّزَ المُشَارُ إِلَيْهِ شَيْئًا: "صَالِحُنَا وَابْنُ صَالِحُنَا، وُلِّيَ مَصَالِحَنَا" وَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ


(١) ضعيف. قال العراقي: " [أخرجه] ابن مَرْدويه في "التفسير" من رواية كثير بن عطية عن رجل لم يُسمَّ. ورواه أبو منصور الديلمي في "مسند الفردوس" من حديث معاذ، وأبو موسى المديني في كتاب "تَضْيع العمر والأيام" من طريق أهل البيت مُرْسلًا. وأسانيده كُلُّها ضعيفة". انظر: المغنى عن حمل الأسفار، رقم: ١٧٤١.
(٢) هو: ابن امرأة الأوزاعي، ضعيف الحديث (ت ٢١٨ هـ). انظر: ابن حجر، التقريب، رقم: ٧٥٨٥.
(٣) ساقط من باقي النسخ.
(٤) انظر: المزي، تهذيب الكمال، ٣١/ ٤١١. وقال الذهبي: "هذه حكاية منقطعة السند". انظر: سير، ١٠/ ٣١٩.
(٥) في أ: بلغته، والمثبت من باقي النسخ. وانظر رواية الأعمش: تهذيب الكمال، ٦/ ٢٧٥.
(٦) هو: أبو محمد الكوفي، فقيه ضعيف الحديث، تولى قضاء بغداد أيام المنصور (ت ١٥٣ هـ). انظر: الذهبي، الكاشف، رقم: ١٠٥١؛ ابن حجر، التقريب، رقم: ١٢٦٤؛ المزي، تهذيب الكمال، ٦/ ٢٦٥.

<<  <   >  >>