للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضعافٍ وموضوعاتٍ إمَّا لأنَّهُ لَمْ يتيسَّرْ لَهُ تحرِيرُهُ، أَوْ لأنَّهُ صنَّفَهُ أواخرَ عُمُرِهِ، وَقَدْ تغيَّر حالُه، أَوْ لغيرِ ذَلِكَ (١).

وبالجُمْلَةِ فَهُوَ معروفٌ عِنْدَ أهلِ العِلمِ بالتَّساهُلِ في التصحيحِ (٢).

(وَ) لهذا (قَالَ) ابنُ الصلاحِ: (ما انفردْ) أي: الحاكمُ (بِهِ) أي: بتصحيحِهِ لا بتخرِيجِهِ فقط، ولا مَا شَارَكَهُ (٣) غيرُهُ في تصحيحِهِ (فَذاكَ) إن لَمْ يَكُن صَحيحاً، فَهُوَ (حَسَنٌ مَا لَمْ يُرَدّْ) - بتشديدِ الدالِ - (بـ) ظهورِ (عِلَّةٍ) توجبُ ضَعْفَهُ (٤).

فابنُ الصَّلاحِ جَعَلَ ما انْفردَ الحاكمُ بتصْحِيحِهِ، ولمْ يكن مَردوداً، دائراً بَيْنَ الصَّحِيحِ والحسَنِ، احتياطاً، لا حَسَناً مُطلقاً، كما اقْتَضاهُ النَّظمُ، وإن جرى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ وغيرُه مَعَ أنَّ في ذَلِكَ تحكُّماً (٥).

ويُمكِنُ تصحيحُ ذَلِكَ بأنْ يقالَ: إنَّه حَسَنٌ في الحُكْمِ مِن حيثُ الحجِّيَّةُ، وإنْ لَمْ يَتَميَّزْ فِيهِ الصَّحيحُ من الحسَنِ اصطلاحاً.

ثُمَّ بَيَّنَ الناظمُ تحريرَ ذَلِكَ فَقَالَ: (والحقُّ أَنْ) يُتَتَبَّعَ (٦) كتابُهُ بالكشفِ عَنْهُ (٧)


(١) وقد طبع عدّة طبعات: كلها سقيمة، وهو بحاجة إلى طبعةٍ علميةٍ محققةٍ مدققةٍ تضبط بها أسانيده، ويحكم فيها على متونه بما يليق بها، فإنّ الحاكم أبا عبد الله النيسابوري زعم أنّه استدرك أحاديث على الشيخين، وفيه بلايا من الموضوعات والمنكرات الشنيعات، قال الإمام الذهبي في السير ١٧/ ١٧٥: ((في المستدرك شيء كثير على شرطهما، وشيء كثير على شرط أحدهما، ولعل مجموع ذلك ثلث الكتاب، بل أقل؛ فإنّ في كثيرٍ من ذَلِكَ أحاديث في الظاهر عَلَى شرط أحدهما أو كليهما، وفي الباطن لها علل ضعيفة مؤثرة، وقطعة من الكِتَاب: إسنادها صالح وحسنٌ، وجيّد، وذلك نحو ربعه، وباقي الكِتَاب مناكير وعجائب، وفي غضون ذَلِكَ أحاديث نحو المئة يشهد القلب ببطلانها، كنت قَدْ أفردت مِنْهَا جزءً)). وانظر: النكت لابن حجر ١/ ٣١٢ وما بعدها.
(٢) في (ق): ((بالصحيح)).
(٣) في (ص): ((شاركه فيه)).
(٤) معرفة أنواع علم الحديث: ١٠٠.
(٥) انظر: شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٣٤، والتدريب ١/ ١٠٧.
(٦) في (ق): ((يتبع)) خطأ.
(٧) وهذا هو الحقّ؛ فإنّ الحاكم كثير الأوهام، سريع الأحكام في كتابه المستدرك؛ فقد صحّح عدداً من الأحاديث الموضوعة بما لا يخفى على أدنى باحث عدم صحتها.
قال الذهبي في السير ١٧/ ١٧٥: ((وفي غضون ذلك أحاديث نحو المئة يشهد القلب ببطلانها، كنت قد أفردت منها جزءاً، وحديث الطير بالنسبة إليها سماء)). =

<<  <  ج: ص:  >  >>