للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّابِعُ: الوَصِيَّةُ بالكِتَابِ

(السابعُ) مِن أَقْسَامِ التَّحَمُّلِ: (الوَصيَّةُ) مِنَ الرَّاوِي عِنْدَ مَوْتِهِ، أَوْ سَفَرِهِ لِلطّالبِ (بِالكِتابِ)، أَوْ نحوِهِ (١).

٥٤٦ - وَبَعْضُهُمْ أَجَازَ لِلْمُوْصَى لَهُ ... بالْجُزْءِ مِنْ رَاوٍ قَضَى أَجَلَهُ

٥٤٧ - يَرْوِيْهِ أَوْ لِسَفَرٍ أَرَادَهْ ... وَرُدَّ مَا لَمْ يُرِدِ الْوِجَادَهْ

(وَبَعْضُهُم) كابنِ سِيرينَ (٢)، وغيرِهِ (أجازَ) الرِّوَايَةَ بِهَا (للموصَى لَهُ بالجزءِ) أَوْ نحوِهِ، وَلَوْ بكُتُبِهِ كُلِّها وصيةً ناشئةً (مَن رَاوٍ) لَهُ بِذَلِكَ رِوَايَةً، وَلَمْ يعلمْهُ صَريحَاً بأنَّه مِن مَرْويِّهِ، وَقَدْ (قَضَى أَجَلَهُ)، وَهُوَ (يَرْويهِ) أي: مَا أوْصَى بِهِ (٣)، (أَو) توجَّهَ (لِسَفَرٍ أرَادِهْ) أي: أَوْ أرَادَ سَفراً، وَهُوَ يرويهِ؛ لأنَّ في ذَلِكَ نوعاً مِنَ الإذْنِ، وشبَهَاً من (٤) العَرْضِ، والمُنَاوَلَةِ.

(وَ) لَكِنْ (رُدَّ) هَذَا القَوْلُ بأنَّ الوَصيَّةَ ليست بتحديثٍ، ولا إعلامٍ بمرويٍّ، كالبيعِ، عَلَى أنَّ ابنَ سيرينَ القائِلَ بالجوازِ توقفَ فِيهِ بَعْدُ.

وَقَالَ ابنُ الصَّلاحِ (٥): القَوْلُ بِهِ بَعيدٌ جداً، وَهُوَ زَلَّةُ عالمٍ (مَا لَمْ يُرِدِ) قَائِلُهُ (الوِجَادهْ) الآتيةَ، أي: الرِّوَايَةَ بِهَا.

قَالَ: وَلاَ يَصِحُّ تَشْبيهٌ بواحدٍ مِن قِسْمَي الإعلامِ، والمناولةِ؛ فإنَّ لمجوِّزيهما مُسْتنداً ذكرناهُ، لا يتقرَّرُ مثلُهُ، ولا قريبٌ مِنْهُ هُنَا.

وأنكرَ ذَلِكَ ابنُ أبي الدَّم، وَقَالَ: الوصيةُ أرفعُ رُتبةً مِن الوِجَادَةِ، بِلاَ خلافٍ، وَهِيَ مَعْمولٌ بِهَا عِنْدَ الشَّافِعيِّ، وغيرِهِ، فهذهِ أَولى (٦). وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا (٧).


(١) معرفة أنواع علم الحديث: ٣٣٧، وشرح التبصرة والتذكرة ٢/ ١٨٧.
(٢) المحدث الفاصل: ٤٥٩ - ٤٦٠، وانظر: الكفاية: (٥٠٣ - ٥٠٤ت، ٣٥٢ هـ‍)، والإلماع: ١١٥ - ١١٦.
(٣) في (م): بعد هذا: ((حين مات)).
(٤) في (م): ((في)).
(٥) معرفة أنواع علم الحديث: ٣٣٧ - ٣٣٨، وقلّده النووي. انظر: التقريب: ١٢٠، وقارن بـ: نكت الزّركشيّ ٣/ ٥٥٠ - ٥٥١.
(٦) انظر: فتح المغيث ٢/ ١٣٣، وتدريب الرّاوي ٢/ ٦٠.
(٧) نزهة النظر: ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>